عسى في الأمر خير نجهله

Img 20250519 Wa0041

 

بقلم: سارة عماد

ليست كل الأقدار مفهومة، ولا كل الدروب ممهدة كما نشتهي.

نصحو أحيانًا على خسارة لم نحسب لها حسابًا، على باب أُغلق في لحظة، على وداعٍ جاء بلا إنذار، على دعاءٍ ارتفع طويلًا ولم يعد، نتساءل: لماذا؟ وكيف؟ وإلى متى؟

لكننا في زحمة تلك الأسئلة نغفل عن الحقيقة الأهم: أن في كل أمرٍ يَمُسّك، خيرٌ لا تراه.

كل مرة قلت فيها “ضاقت بما لا يُطاق”، كان في قلب الضيق متّسعٌ خفيٌّ للنجاة، وكل مرة شعرت أن ظهرك انحنى من ثقل ما تحمل، كان الله يدبّرها دون أن تدري، وكل مرة ظننت فيها أن الطريق انتهى، كانت الحياة تفتح لك دربًا لا يشبه ما مضى، لكنه أجمل، أنقى، وأقرب إليك مما تمنيت.

عسى في الأمر خير؛ حتى وإن بدا قاسيًا، حتى وإن مزّق قلبك، حتى وإن اختبأ الخير خلف حجاب من الدموع والصمت والأسئلة، فما من شيء يضيع عبثًا، وما من لحظة تُسرق من عُمرك دون سبب، هناك حكمة لا تُقال، ولطف لا يُرى، ورحمة تمشي إليك على مهل.

أتعرف؟

ربما تأخرت الاستجابة لأنك لم تكن مستعدًا لها بعد، وربما تألمت لأن في الألم صقلًا لن تناله في الراحة، وربما أُبعدت عن أمرٍ رغبت فيه لأن فيه شرًا لم تكن تراه، وكان الله يراك؛ فنحن لا نُبتلى عبثًا، ولا نحزن بلا ميزان.

الكون دقيق، والقدر موزون، وربٌّ لا ينسى يراك ويعلم ويختار لك ما لا تعرف كيف تطلبه.

عسى في الأمر خير تجهله، ففي كل علاقة انتهت رغم حبك، وفي كل طريق ضللت فيه رغم محاولتك، وفي كل عمل فُسِخ، وكل أمنية تأخرت، وكل نداء لم يُجب؛ عسى أن تكون قد نجوت، أو نضجت، أو استعدت شيئًا من ذاتك التي فقدتها في زحمة الانتظار.

لا تيأس، ربما الخير ليس فيما يأتيك، بل فيما يُصرف عنك، وربما النِعم ليست فيما تملكه، بل في راحةٍ وهبها الله لقلبك وأنت لا تشعر، وربما يكون التأخير اليوم هو التوقيت المثالي للغد.

فلا تحكم على حياتك من لحظة، ولا على قدرك من مشهد، ولا على الله من تأخر عطية.

قل بقلبٍ مؤمن، مهما اشتد عليك الأمر، سيمرّ كل شيء، وسيُضيء ما أظلم، وستُفهم يومًا لماذا كان هذا هو الخيار الأجمل؛ حتى لو لم تفهمه الآن.

 

عن المؤلف