كتبت: زينب إبراهيم
يُطلق على حالة الخوف من المستقبل مصطلح “رُهاب المستقبل” ويُسمى علمياً “كرونوفوبيا” ومعناه الشعور بالخوف الدائم وغير المبرر وغير العقلاني، ويكون في أغلب الأحيان من المستقبل أو الخوف من مرور الوقت سريعاً، الأمر الذي يولّد حالة من الرعب والقلق لدى الإنسان، ويعاني الكثير من الناس من هذه الحالة إلا أن أكثر الناس عُرضة لهذه المعاناة هُم كِبار السن نظراً لتقدمهم بالعمر بالإضافة إلى نُزلاء السجون الذين يخدمون لفترات طويلة في السجن، إذ تُصيبهم حالة الكرونوفوبيا أكثر من غيرهم بسبب ظروف سجنهم التي تُفقِدهم الإحساس بالوقت وبالواقع.
ومما لا شك فيه أن هناك أسباباً عديدة لهذا الخوف وهذه الأسباب تختلف من شخص إلى آخر، حيث يرى بعض الخبراء الباحثين في هذا المجال أن من هذه الأسباب قد يكون وقوع حدَثٍ مؤلم أو مُرهق للشخص فيولّد عنده هذا الخوف، أو قد يرجع سبب ذلك إلى الإحساس بالقلق الشديد أو الشعور بالاكتئاب نتيجة لحدث معين مثل فقدان الوظيفة أو وفاة أحد الأحبة أو وقوع الطلاق بين زوجين أو خسارة مال أو الفشل في عمل أو مشروع أو دراسة وغيرها كلها أسباب تؤدي إلى ظهور حالة رُهاب المستقبل أو كرونوفوبيا.
كما تجدر الإشارة إلى أن الكرونوفوبيا قد يكون لأسباب وراثية في بعض الأحيان.
:- أسباب الخوف من المستقبل
تتعدد أسباب الخوف من المستقبل وتختلف شدته من شخص لآخر، ورغم تعدد الأسباب واختلاف الأشخاص والشدة إلا أن هناك أسباباً عامة ومشتركة بين الجميع، ومن هذه الأسباب التالي:
من مسببات الخوف من المستقبل فقدان شخص عزيز أو قريب، لأن مثل هذا الحدث يولّد لدى الشخص الشعور بالوحدة ويخشى خسارة أحبائه أو تعرضهم للأذى ويخاف أن يبقى وحيداً، وهذا يؤدي به إلى الذعر عند التفكير بالمستقبل المجهول.
من أسباب الخوف التي يمكن أن يتعرض لها أي شخص في هذه الحياة هو التعرض لصدمة معينة أو لموقف مرعب ومروع، فمثل هذه الصدمة قد تجعل الخوف من المستقبل هاجساً مسيطراً على الإنسان. يتولد عند الإنسان الشعور بالخوف الشديد من المستقبل عند الإصابة بمرضٍ ما
وجود فراغ في حياة الشخص والإصابة بالاكتئاب هما سببان رئيسيان للقلق من المستقبل، فقد يخسر الشخص عمله أو يصل إلى عمر معين يجعله يشعر أنه لم يحقق ما يريده وأن الوقت قد مضى وفات لتحقيق ذلك.
قد يكون سبب الخوف من المستقبل في بدايته بسيطاً للغاية إلا أنه قد يتطور بشكل تدريجي ليصل إلى حالة من الخوف تجاه المجهول، حيث يمكن لعبارات بسيطة تطرأ على ذهن الشخص مثل: “الوقت لا يمكن أن يُعوض” أو “الوقت يمر سريعًا” أو”ضاع الوقت عليّ” وغيرها من العبارات المشابهة إلى الإصابة بالذعر الشديد من المستقبل المجهول وتكون سببًا للإصابة بحالة الخوف من المستقبل.
أعراض الخوف من المستقبل:
يعتبر الشعور بالخوف أمرًا طبيعيًا يمكن أن ينتاب أي شخص، إلا أنه قد يُصبِح مرضاً إذا زاد عن الحد الطبيعي، وتكون أعراضه شديدة، وينطبق هذا الأمر على حالة الرهاب من المستقبل، فالمصاب به تظهر عليه أعراض كثيرة، منها:[٣] وجود أفكار سوداوية حول المستقبل والتفكير بالموت. الشعور بالذعر بمجرد التفكير بالمستقبل أو التفكير بمرور الوقت. الشعور بالانفصال عن الواقع. الرغبة الشديدة بالبكاء وبشكل مستمر. تسارع في نبضات القلب. صعوبة في التنفس والنفس اللاهث. ضعف الإحساس بالعضلات وفقدان
السيطرة عليها.
حصول التعرق الشديد. حصول جفاف في الفم. حدوث تقلصات في المعدة والشعور بالغثيان واضطرابات في حركة الأمعاء.
الشعور بفقدان التوازن والدوار. التشتت وفقدان التركيز وصعوبة في أداء الأعمال اليومية المعتادة.
الخوف من المستقبل هو شعور طبيعي يواجه العديد من الأشخاص في مراحل مختلفة من حياتهم، يمكن أن يكون هذا الخوف مصدرًا للقلق والتوتر نظرًا للعديد من الأمور المجهولة والتحديات التي نواجهها في الحياة، مما يمنعنا من التقدم وتحقيق أهدافنا.
ولكن من الضروري أن نتعلم كيف نتعامل مع هذا الشعور ونتخذ منه حافزًا للتطور والنمو الشخصي، من خلال تقديم بعض النصائح والإرشادات التي قد تساعدك على التغلب على الخوف من المستقبل والعيش بثقة وإيجابية، وهي كما يلي:
اعترف بمشاعرك
على الرغم من أنك قد تميل إلى أن تقول لنفسك: “لا تقلق”، إلا أن هذه ليست استراتيجية مفيدة عادةً، فبدلًا من إنكار أفكارك، اعترف بها.
وتقبل أن هذه المخاوف حقيقية دون الحكم عليها أو محاولة تغييرها، فهذا لا يعني أنك تستسلم أو تستسلم لحياة مليئة بالقلق، لكن بدلا من ذلك، فهذا يعني أنك على علم بما تشعر به.
تذكر أنه في بعض الأحيان، مجرد تصنيف مشاعرك يمكن أن يساعد في تقليل حدة هذه المشاعر والمخاوف.
افهم سبب قلقك بشأن المستقبل
أول خطوة للتغلب على الخوف من المستقبل هي قبول أن الحياة مليئة بالعديد من المفاجآت والتحديات، لا يمكننا التحكم في كل جانب من جوانب حياتنا، ولكن يمكننا التحكم في كيفية استجابتنا لها.
فالإجهاد هو استجابة طبيعية لعدم اليقين خاصة عندما نكون في موقف جديد أو نواجه ظروفًا مربكة، فمن الطبيعي أن نشعر بالقلق بشأن ما قد يخبئه المستقبل، ومع ذلك في بعض الأحيان تساعدنا هذه المشاعر على توقع ما قد يأتي وقد تحفزنا ولو بشكل بسيط.
ولكن عندما يصبح هذا التوتر مزمنًا، قد نبدأ في رؤية آثار سلبية على صحتنا العقلية والجسدية، وهذا بدوره يؤثر على صحتنا العامة ورفاهيتها.
لا تبالغ في التحليل بشأن المستقبل
إذا استولى القلق المزمن على عقلك، فقد تتشوه مهاراتك في تقييم المخاطر، فقد تجد نفسك مستغرقًا في القلق بشأن الاحتمالات المستقبلية عندما لا يكون هناك أي دليل حقيقي على أن الحدث السلبي سيحدث بالفعل.
على سبيل المثال، ربما تشعر بالقلق المستمر بشأن أدائك في وظيفتك وتخشى أن يتم فصلك من العمل، ولكنك لم تتلق أي إشارة من رئيسك في العمل، أو أي شخص آخر، بأنك لا تؤدي المستوى المطلوب.
والخلاصة من ذلك: كلما اكتسبت المزيد من الخبرة ولاحظت أن توقعاتك ليست تنبؤات دقيقة للواقع، ستبدأ مشاعر الخوف والقلق لديك في التلاشي تدريجيًا.
عش اللحظة
إحدى طرق التوقف عن القلق بشأن المستقبل هي التركيز أكثر على الحاضر، فالتفكير المستمر في المستقبل وما قد يحمله يمكن أن يزيد من الخوف والقلق والتوتر، لذلك حاول التركيز على اللحظة الحالية والاستمتاع باللحظات الجميلة التي تعيشها الآن.
يمكنك ممارسة اليقظة الذهنية فهي تساعد على التركيز أكثر والاهتمام للحاضر، وبناء وعي ذاتي أكبر بما تشعر به في هذه اللحظة.
يمكنك أيضًا ممارسة بعض تقنيات الاسترخاء، مثل: التأمل، والتنفس العميق حيث أنها تساعد في تقليل التوتر والقلق وزيادة الوعي الذاتي.
اهتم بصحتك
إن الاتصال بين العقل والجسم حقيقي للغاية، بحيث يمكن أن يكون لعافيتك الجسدية تأثير على عافيتك العاطفية، لذلك اهتم بصحتك من خلال:
الحصول على النوم الجيد بمعدل 7 – 8 ساعات كل ليلة.
اتبع نظام غذائي صحي غني بالفيتامينات والمعادن.
مارس الرياضة بانتظام لمدة 30 دقيقة على الأقل كل يوم.
الحصول على المساعدة
إذا كان الخوف والقلق المزمن يعيق حياتك اليومية، فقد يكون حان الوقت لطلب المساعدة من الطبيب النفس، فهو قادر على مساعدتك في الوصول إلى أسباب القلق والخوف لديك وتعلم المهارات والتقنيات اللازمة للتعامل معها.
غالبًا ما يوصي الطبيب النفسي بالعلاجات التالية:
العلاج النفسي
والذي يتضمن العلاج السلوكي المعرفي فهو من أكثر الطرق فعالية لعلاج القلق والخوف، يساعد المريض على التعرف على الأفكار والمعتقدات السلبية التي قد تكون وراء الخوف من المستقبل، ثم يتم تعليم المريض كيفية تغيير هذه الأفكار وتطوير نظرة أكثر إيجابية وواقعية للمستقبل.
العلاج السلوكي الحيوي
يركز على تغيير السلوكيات السلبية وتطوير سلوكيات إيجابية تساعد على التغلب على الخوف، يمكن أن يشمل العلاج تقنيات مثل التدريب على الاسترخاء وتقنيات التنفس.
العلاج بالتحفيز المغناطيسي المقاوم
يستخدم هذا النوع من العلاج في بعض الحالات الشديدة من القلق والخوف، حيث أنه يعمل العلاج على تحفيز مناطق معينة من المخ باستخدام مجال مغناطيسي.
العلاج الدوائي
في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بتناول أدوية مضادة للقلق أو مضادة للاكتئاب لمساعدة المريض على التعامل مع الخوف والقلق.
في الختام، يعد الخوف من المستقبل شعورًا طبيعيًا يواجه العديد من الأشخاص، لكن الأهم هو كيفية التعامل مع هذا الشعور والتغلب عليه، فمن خلال البحث عن المساعدة النفسية المناسبة يمكن للطبيب تعليم الأفراد تطوير مهارات التعامل مع القلق والخوف بشكل فعّال.
وتذكر أنه يجب التمسك بالأمل والتفاؤل والبحث عن الدعم اللازم للتغلب على هذا الشعور والاستمتاع بحياتك بشكل أفضل.
المزيد من الأخبار
من فنون جميلة إلى الإعلام.. إيريني إيهاب تروي قصة حلم تبدل فصنع مسارًا جديدًا من النجاح
“سمارت لاين” بداية الحلم المصري الكبير في عالم النقل الذكي
في جديد الابتكارات التقنية: طالبة بالسنة الرابعة في قسم المكتبات والمعلومات – جامعة الإسكندرية، تُعدّ دليلاً نوعيًّا يخدم المكتبيين والباحثين