كتبت: سارة أسامة النجار
تُصبح الحياة في غزة مجرد أرقام تُضاف إلى قوائم الموت، وحيث تُدفن الأحلام تحت الركام، لا تزال الإنسانية تُختبر كل يوم. في هذا المكان الذي يضج بالصراخ الصامت، تُسجل الإحصائيات كأنها شهادة على الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين.
ووفقًا لتقرير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن العدوان الإسرائيلي يقتل يوميًا ما يعادل 90 شهيدًا ممن يصلون إلى المستشفيات، بينهم 32 طفلًا و 22 امرأة . هؤلاء ليسوا مجرد أرقام، بل أرواح كانت تنبض بالحياة، وأحلام كانت تُرسم على جدران المنازل قبل أن تُهدم.
لكن الموت لا يكتفي بالقتل، بل يمتد ليُخفي قسريًا 20 فلسطينيًا يوميًا ، ويُصيب 207 آخرين بجروح متفاوتة، تاركًا خلفه عائلات مدمرة. فالاحتلال لا يكتفي بقتل الأفراد، بل يُبيد 4 عائلات يوميًا بالكامل ، ويمحو 9 عائلات يوميًا ليبقى منها فرد واحد فقط، يحمل على عاتقه عبء الذكرى والنجاة.
ويبدو أن الموت في القطاع أصبح أكثر تنظيمًا من الحياة. كل يوم يحمل معه حصيلة جديدة، وكأن الاحتلال يُدير حربه كجدول أعمال يومي: قتل هنا، إخفاء هناك، إبادة عائلات في المنتصف. حتى الموت أصبح له إحصائيات دقيقة، بينما الحياة تُترك للصدفة.
ربما في المستقبل، سيُصدر الاحتلال تطبيقًا يُسجل فيه عدد الضحايا يوميًا، مع خاصية “التنبيه” عند تجاوز العدد المعتاد. لكن حتى ذلك الحين، ستظل غزة تصبر، وستظل الحكايات تُكتب بالدماء، لأن الصمت الدولي لا يُجيد سوى المشاهدة.
وهكذا تُصبح الكوميديا السوداء واقعًا، حيث يُضحكنا الألم، لا لأننا نستهين به، بل لأننا نُدرك أن العالم قد فقد قدرته على الحزن. غزة تُعلمنا أن الموت ليس النهاية، بل هو بداية لصمود جديد.
المزيد من الأخبار
مع غياب السيولة النقدية يعود الغزيون إلى أقدم طرق التجارة: “المقايضة”
اغتيال الصحفي حسن إصليح
هم أحق الناس بالفرح