كتبت: ملاك عاطف
ها هُوَ بحرُ غزّةَ يموجُ عالِيًا بصُراخِ خريرٍ لا يهدأ، يُحاوِرُ الشّاطئَ المُتَهالِكَ بإعياءٍ في أحضانِه، يحْكي لهُ عن غطرسةٍ مُسْتَذئِبةٍ هجمت على بُيوتٍ وخِيامٍ فنهشتْها واقتلعتها عن بكرةِ أبيها، يبكي مَرارةَ الحالِ ويندبُ سكوتَ الأُمَم؛ فَيمُدُّ لهُ مناديلًا مِن رملِهِ؛ كي يمسحَ بها أُجاجَ دمعه، ويَدُسُّ في أصدافِهِ الرّاكِبةِ على ظهرهِ حرقةَ قلبِهِ وشرخَ روحه، يَسْتَنْجِدُ بِصَلابةِ صخورِ الوادي؛ كي تمنَحَهُ بعضًا مِنها، فيُواصِلَ احْتِواءَ أنينِ البَحْرِ الموجِعِ بقُوّة واتكال. هُوَ يعرِفُ مدى لينِ حبّاتِ رِمالِها وَرِقَّتِها تمامًا كما يعرِفُ حجمَ قدرتِها على التَّماسُكِ والَّتي اكتسبَتْها مِن فُتاتِ المنازِلِ ورُفاتِ الشُّهَداءِ المُجَرَّدِ مِنَ المعالِمِ ورمادِ جُلودِهِمُ المحروقةَ بنيرانِ الحقدِ الوحشِيّة.
هذا الشّاطِئُ المُخْلِصُ وإن كانَ مُتْعَبًا، إلّا أنَّهُ قطعَ على نفسِهِ عهدًا بِأن يَكونَ ملاذَ البحرِ ومُتَنَفَّسَ الغزِّيين، وأن يبذُلَ قُصارى جهدِهِ في سحبِ صُوَرِ الأنقاضِ الحَزينة ومنظرِ تهاويها القاسي مِن مُخِيِّلةِ هذا الشّعبِ المقهور!
المزيد من الأخبار
جفّ قلمي
5.5.25
تعلمت من قصة سيدنا موسى عليه السلام