كتبت: خولة الأسدي
لا أعلم ما السبب في ذلك، ولكنِّي، كما اكتشفتُ لاحقًا، نظرتُ دومًا إلى النَّقد كأنَّهُ عمليَّةُ تصيُّدٍ للأخطاء فقط! وبطريقةٍ هجوميَّةٍ، لا تلتفتُ إلى أيِّ جانبٍ إيجابيّ، ولا مُراعاةَ فيها لاختيار المفردات!
ورغم قراءاتي لبعض المقالات النقديَّة، وتعرُّضِ أعمالي لبعضها أيضًا، وهو أمرٌ، وإن كنتُ أرحِّبُ به ككاتبةٍ مهما بلغتْ حدَّتُه؛ لرغبتي في التطوير من نفسي في هذا الجانب، إلَّا أنِّي في الحقيقة لم أستطع منع نفسي من الحزن حينما كان ذلك النَّقد لا يأتي كما أشتهي. ولكنِّي، رغم كلِّ ذلك، لم أتعلَّم من شعوري شيئًا يُساعدني على تهذيب مفهومي الخاطئ في خصوص هذا الأمر، ومن ثمَّ تحسينِ أسلوبي حينما أُقدِمُ على انتقاد غيري.
تطلَّب الأمرُ الكثيرَ من الوقت، والقراءةِ، والمقارنةِ، ونقدِ أعمالِ الآخرين ولو في سرِّي.
وشاءت الأقدارُ أن أُقدِّمَ قراءةً لعملِ أحدِهم، ولظروفٍ خاصَّةٍ، كان يجب أن أُحاذِرَ من لغتي الهجوميَّة، وأتحرَّى اختيارَ كلماتي عند تعداد السلبيَّات، ولأجل ألَّا أبدو مُتحاملةً، وجب عليَّ أيضًا أن أُركِّز على الجوانب الإيجابيَّة، على عكسِ عادتي، فكانت النتيجةُ قراءةً نقديَّةً متوازنةً، جعلتني أقرأ أيَّ نقدٍ لأيِّ عملٍ من منظورٍ آخر؛ منظورٍ مهنيٍّ، ففهمتُ حينها لماذا كان أغلبُ النُّقَّادِ يحاولون التلطُّفَ، الذي كنتُ أسمِّيه مبالغةً في التَّواضع، فيما لم يكن أكثرَ من مُراعاةٍ لمشاعرِ كاتبٍ لا يعلمون عن أحوالِه شيئًا، ولربَّما تكون كلمةُ نقدٍ عاديَّةٌ من وجهةِ نظرِهم ضربةً قاضيةً لا يقومُ لقلمِه بعدها قائمة.
ومع القراءةِ المشتركةِ، والتحليلِ لما يُتَمُّ قراءتُه مع صديقتي، لم أتعلم فقط كيف يكون النَّقدُ والتَّحليل، ولكنِّي أيضًا اكتشفتُ الكثيرَ عن نفسي، ومَن حولي، وأنا أتساءل، وأحلِّل، رابطةً ما قرأتُهُ بتجاربي.
المزيد من الأخبار
لقاء غير متوقع
جروح
التعلق المرضي وتأثيراته