قبس شعور

Img 20250220 Wa0028

 

كتبت: ملاك عاطف

“هناك من يشعر بك دون أن تتكلم، وهناك من لا يشعر بك لو تكلّمت ألف مرة”

هناك من يقرأ أحاسيسك في صفحات عينك باهتمام، يتمعّن بنظراتها، ويترجم ما بداخلك حين يرى لمعتها؛ فينشرح صدره إذا كانت تغزل فرحًا، وينقبض فؤاده إذا بهت بريقها أو حجبته غمامة دمعةٍ محبوسة. وهناك من يحفظ كلماتك أكثر من حفظه لاسمه؛ فإذا ما أُبدلت قطع صمتٍ أو راحت في ضياعٍ بين ساعات غيابك، يفتّش عنها بحدسه بين ثنايا كتمانك. وهناك من يعرف لحن ضحكاتك، ويعدّ قهقهاتك، ويميّزها من بعضها، فلا يخلط بين جذورها، حتى إذا انغرزت في سويداء السعادة الحقيقية، يدغدغ أسماعك بمزحةٍ؛ كي تمتد غائرةً في باطن المسرات. وإذا رآها تمتد متقصفةً في هوّة حزنٍ دفين، يشمر عن ساعديه، ويمد لك يد الدعم والاحتواء. 

هناك من يعرفك أكثر منك، كأنما قد عُجِنت شخصيتك على عينه، كأن القدر أهداك قبسًا من شعورٍ على بساط روحه؛ فافرح بالهدية، وتمسك برسولها؛ لأنه سيكفُلُ فؤادك وهو مسرور، وسيرتقه بحبّ ودفءٍ وهو مفطور.

وهناك من لا يفقه كلامك، ولا يفهم لغة سكوتك بغير ترجمان؛ فدعك من الأخير، وسل الله أن يصرفه عنك. وصاحب الأول، وسل الله أن يجزيه خيرًا عنك.

يا عزيزي، اعلم أن من فهمك اشتراك وحفِظك، واعلم أن عنده مراحك ومستراحك، وسرك وسترك. واعلم أنه لن ينقلب، ولن ينسحب، وأنك أبدًا لن تهون، ولن يخون؛ فاطمئنّ له، واهدأ قريرًا في كنف إخلاصه، وبسم الله على قلبيكما حتى يلتحما، والسلام.

عن المؤلف