ڪتبت. أميره محمد عبدالرحيم
في زوايا الذاكرة، تختبئ لحظات تفيض دفئًا، تتراقص في الأفق كأطياف بعيدة، تلامس الروح برفق، ثم تنسحب تاركةً أثرًا لا يُمحى. للذكريات عبيرٌ خاص، لا يشبه عطور الحاضر، بل هو مزيج من الحنين، والأمل، والشوق لأيامٍ كانت جزءًا منّا، وكنا جزءًا منها. هناك لحظات تمرّ كنسيم الفجر، لا نشعر بها حين تعبر، لكننا حين نفتقدها، ندرك كم كانت ثمينة. ربما هي ضحكةٌ تشاركناها مع من نحب، أو لقاءٌ عابر ترك في القلب بصمة، أو حتى كلماتٌ قيلت في غفلة، وظلّت تتردد في أرجاء الروح كأغنية خالدة. أحيانًا، نحاول أن نمسك بتلك الذكريات، أن نعيد رسم تفاصيلها، أن نستحضر وجوه من رحلوا، ونسمع أصواتهم من جديد، لكن الزمن يظلّ كالموج، لا يسمح لنا بالإمساك بشيء، بل يمنحنا فقط فرصة التأمل، والابتسام بحنين، وربما البكاء بصمت. لكن الذكريات ليست مجرد حكايا ماضية، بل هي شموعٌ تضيء درب الحاضر، تمنحنا القوة لنمضي، وتعلّمنا أن للحياة فصولًا، وأن ما رحل قد يترك فراغًا، لكنه أيضًا يزرع فينا حكمة، ويخطّ على أرواحنا دروسًا لا تُنسى. فلتكن ذكرياتنا نبراسًا لا قيدًا، نستلهم منها الدفء، لا أن نغرق في ظلالها. فالحياة تمضي، والماضي لا يعود، لكن أثره يبقى في قلوبنا، عبيرًا لا يذبل، وصوتًا لا يخفت، ونورًا يضيء عتمة الأيام.
المزيد من الأخبار
عزة النفس أولاً
جميعنا أشرار!
نعمة العافية