كتبت: شروق أحمد
الوقت الحاضر
الصباح التالى لنهاية اختبارات الثانوية العامة كان الصباح يبدوا اجمل هدأ رأسى بعض الشيئ من ازدحام ساعات المزاكرة المتداخلة مع زياراتى للمعلمين أنهيت الاختبارات لم يكن هناك ما يشغل بالى هذ الصباح سوى انتظار ثمرة جهودى فأنا أعتبر نفسى طالبة مجتهدة لم ادخر جهدا هذا العام نسيت اخباركم ادعى( ريم ) اعيش مع والدى محمد وامى سهير بمفردنا بعد سفر اخى اسلام إلى الخارج مع زوجته للعمل
كانت رائحة الصباح معطرة بمخبوزات امى الصباحية وقهوة أبى عند الشرفة بينما يلقى التحية على العم ايمن قبل أن ينطلق بسيارته للعمل العم يعمل كسائق على سيارته
سمعت أبى يطلب من العم ايمن أن لا يتأخر وان يأتى عند الفجر مباشرة حتى يقلنا إلى محطة القطار لنستقل القطار المتجه إلى أسوان حيث كنا سنقضى الإجازة فى النوبة تحديدا قرية غرب سهيل حيث كان يعيش جدى حسن جدى لأمى وايضا جدى فاضل جدى لأبى كان هذا اسعد ما سمعت على الاطلاق لم اذهب الى اسوان والنوبة منذ سنتين تقريبا كنت متحمسة للقاء جدى وفاطمة ابنة خالى
أسرعت إلى أبى بسعادة عندما سمعته وهو يتحدث مع العم ايمن اقتربت منه مبتسمة وقلت له
_صباح الخير يا اجمل اب
ضحك أبى بينما يسألنى
_بالطبع سمعتى الاخبار سوف نذهب الى النوبة غدا سوف يصحبنا ايمن فجرا إلى محطة القطار
زممت شفتاى ونظرت لامى التى كانت تضع الفطور على الطاولة ثم قلت
_وهل هناك من يستقل قطارا فى سفر طويل كهذا فى هذه الأيام لماذا لانذهب بالطائرة
ضحكت امى بينما تقول
_والدك عاشق للقطار ياريم
قال والدى بينما يجلس على الطاولة
_نعم أن السفر بالقطار متعة لا يعرفها جيل اليوم
جلست أيضا بينما اسأل ابى
_اى متعة تلك يا أبى أن نجلس فى قطار لعشر ساعات يبدوا هذا مملا
قال أبى
_تناولى فطورك وكفى عن التذمر بشأن القطار ايتها الآنسة سوف يعجبك القطار اعدك
قلت بصوت منخفض
_نعم تعدنى بهذا كلما ذهبنا ولا يعجبنى
مر اليوم سريعا وانا اقوم بتحضير الحقيبة الخاصة بى أخشى أن أنسى اى شيئ من اشيائى المفضلة
حتى دلف أبى إلى غرفتى التى كانت فى حالة من الفوضى وأخذ يساعدنى كعادته فى ترتيب اشيائى بينما يمزح معى ويخبرنى عن قصة حبة لأمى للمرة الألف على ما اظن لكننى احب سماعها منه بينما تختلس امى السمع كان يقول عنها انها كانت اجمل فتاة فى القرية بأكملها حين انتقل للعيش فى النوبه لم تكن امى من أصول نوبيه ولكن جدها قد انتقل للنوبة بعد أن كان تاجرا يجوب البلدان حتى استقر فى النوبة فى النهاية كانت اصول عائلة امى من محافظة المنصورة لهذا فأن امى وعائلتها بالكامل لا يتمتعون ببشرة سمراء على عكس أبى وعائلته اللذى كان يتمتع ببشرة داكنه
يشبهه فيها اخى اسلام بينما أشبه انا امى كثيرا
انهيت تجهيز الحقائب وطلب منى أبى النوم حتى استطيع أن استيقظ عند الفجر لكننى أردت أن لا انام حتى الفجر وان استغل ساعات السفر الطويلة فى النوم حتى لا أشعر بالملل من طول الرحلة بقيت اتحدث إلى صديقاتى عبر الرسائل لاخبرهم عن جمال النوبة وعن سعادتى بكونى ذاهبة لقضاء الإجازة فى واحدة من أجمل القرى فى النوبة
لم أشعر بمرور الوقت حتى استيقظ أبى وامى لصلاة الفجر ومن ثم طلبت منى امى أن اسرع حتى لا نتأخر عن موعد القطار
وقبل أن اتجه لغرفتى كانت امى تسمعنى قواعد الذهاب إلى القرية قواعد زيارة العائلة
القاعدة الأولى لا ترتدى ثياب مكشوفة ولا ضيقة
القاعدة الثانية لا تضعى المكياج
قلت لامى مقاطعة لها
_اكرة تلك التعليمات منذ أن كانت طفلة
فأجابت امى بينما ترتدى زى الصلاة
_لا اريد سماع تعليقات على ملابسك فقط اصبحتى فتاة كبيرة وجميلة ولا نريد اجبارك على ارتداء الحجاب لكن على الأقل كونى محتشمة يا ريم
ان امى محقة فى أمر الاحتشام لهذا توقفت عن مجادلتها ونفذت رغبتها فقط وصلنا مع العم ايمن إلى محطة القطار مع شروق الشمس وبدأت رحلتنا التى استغرقت عشر ساعات
استقبلنا فور وصولنا خالى حسام بسيارتة التى أوصلنا بها إلى القرية
كان وصولى لقرية غرب سهيل هو اجمل شيئ حصل لى منذ وقت طويل كم اعشق تلك القرية وتأثرنى بألوان بيوتها الزاهية والبحر الجميل اللذى تطل عليه القرية أنها قرية الاحلام بالنسبة إلى وصلنا الى بيت جدى حسن و سلمت على فاطمة ابنة خالى حسام التى استقبلتني بحفاوة كبيرة اشتقت إليها أيضا والى صفية اختها الصغيرة
أردت أن أسلم على جدى أنه الشخص المفضل لى فى العائلة كان يدللنى كثيرا لم يتوقف عن معاملتى كطفلة مدللة أسرعت واختبأت خلف شجرة كانت امام المسجد اللذى اعتاد أن يصلى فيه دائما حتى افاجئ جدى حال خروجه أشعر أننى أعود طفلة صغيرة عندما ارى جدى وكان لقائنا رائعا فى النهاية
كادت الشمس أن تغيب بعد أن تناولنا الغداء أسرعت إلى البحر وطلبت من فاطمة أن تلتقط لى بعض الصور قبل أن تغيب الشمس حتى ارسلها إلى صديقاتى وبينما أنا اتخذ وضعيات للتصوير حتى رأيت احمد ابن خالي عبدالله اقترب منى مبتسما سلمت عليه قائلة
_كيف حالك يا احمد
لمعت عيناة بينما يقول
_اشتقت اليكى لقد اطلتى الغيبة هذة المرة
ابتسمت بينما اجيبه
_اشتقت اليك أيضا
كنت اقول فى نفسى لم تتغير مشاعرك رغم طول الغياب يا أحمد كنت اتمنى لو ابادلك هذة المشاعر لكننى مازلت اراك مثل اخى
أمضيت بضعة دقائق اتحدث إلى احمد اللذى كان يسألنى عن دراستى ويخبرنى عن عملة كمدرس لمادة اللغة الإنجليزية فى مدرسة القرية
عندما عدت إلى البيت كان خالى عبدالله وخالى حسام يتحدثان مع امى وأبى أمام البيت بينما تعد جدتى الشاى على موقد من الفحم سألت امى جدتى عن خالى الأكبر صالح اللذى كان يعيش فى مكان آخر فأجابت جدتى أنها لم تخبرة عن مجيئنا وأنه من الأفضل أن تذهب امى له لاحقا لكونه الأكبر سنا ولكونه مريض أيضا
لم تكن امى تعلم بشأن مرضة كنت اود لو جلست مع العائلة هكذا حتى الصباح لكننى كنت متعبة جدا وايضا أبى وامى ومع وصول الساعة إلى العاشرة مساء كنا نود النوم وبشدة
دلفت إلى غرفة فاطمة للنوم حيث كان يعيش خالى حسام مع جدى فى نفس البيت ولكن فى الطابق الثاني تحدثت مع فاطمة كثيرا قبل أن يغلبنى النعاس فى النهاية لاستيقظ على أصوات جلبة تأتى من الخارج أيقظت فاطمة لاسئلها عن ما يجرى خارجا قالت بلهفة
_انه صوت جدى وأبى أيضا اسرعى لنرى ما الأمر
أسرعت إلى الخارج كان الوقت متأخرا وكنت أشعر بالخوف الشديد لاستيقاظ الجميع فى هذا الوقت آمل أن لا يكون هناك شيئ سيئ
كانت جدتى تبكى وامى أيضا بينما يتحدث أبى فى الهاتف ويقول جدى لخالى حسام اسرع إلى بيت عبدالله وايقظة سريعا عليه أن يأتى معنا
أسرعت إلى امى وأبى فى هلع اسأل عن ما يجرى اخبرنى أبى أن خالى الأكبر صالح قد اصيب بجلطة وتم نقلة إلى المشفى لهذا تبكى امى وجدتى خوفا عليه بقيت ارتجف انا وفاطمة لدقائق حتى وجدت احمد يسرع ويخبر الجميع أن السيارات بالخارج وأنه سوف يذهب مع أبيه وجدى وخالى حسام فى سيارة والدة بينما استقل أبى وامى وجدتى السيارة الأخرى
أسرعت خلف أبى كنت اود الذهاب ايضا لكنه رفض قائلاً
_عزيزتى لستى طفلة عليك البقاء مع فاطمة وهاتفى بالداخل أن اتصل جدك فاضل أخبريه بما حدث حتى لا ينتظر ذهابى باكرا
كان من المفترض أن نذهب لزيارة جدى فاضل فى الصباح لكن يبدوا أن هذا الأمر سوف يعيق ذهابنا
ذهب الجميع الى المشفى لم يبقى سوى فاطمة وصفية وزوجة خالى حسام وزوجة خالى عبدالله أيضا
جلست مع فاطمة نحدق فى بعضنا بقلق حتى الصباح لم تصلنا اى اخبار لم يتصل أحدهم وكلما طلبت من زوجة خالى أن تتصل بهم اخبرتنى أنه من الأفضل أن ننتظر لأن المشفى بعيد بعض الشيئ كان القلق يسيطر على جميعنا انتظرت قليلا ثم فقدت صبرى و احضرت هاتفى حاولت الاتصال على جدى ولكن تفاجئت أن هاتفه مغلق فحاولت الاتصال على امى وكان هاتفها أيضا مغلق بدأ شعور القلق يتضاعف بداخلى أسرعت إلى زوجة خالى واخبرتها أننى لا استطيع الاتصال بجدى وامى فأحضرت هاتفها بينما تحاول طمئنتى وقالت إنها سوف تتصل بأحمد لنطمئن على خالى صالح اتصلت عليه بالفعل ثم سمعتها تقول بزعر
_ما الأمر لما تبكى يا احمد هل حل مكروه بعمك صالح
ثم صمتت قليلا وبدأ على ملامحها الصدمه واتسعت حدقتاعيناها قبل أن تبكى مبتعدة عنى وهى تقول
_هل والدك بخير وجدك أيضا ؟
لم افهم لم تسأل عن جدى وخالى عبدالله فى حال أن المريض هو خالى صالح أغلقت الخط وعادت باكية تقترب ببطئ توقعت ان خالى صالح قد توفى وإرادت أن تطمئن على خالى وجدى بعد سماع خبر وفاته سألتها بينما تلمع عيناى بالدموع
_ما الأمر
لكن كانت اجابتها كاصالعقة التى نزلت على مسامعى
_لقد تعرضت السيارة لحادث سير وسقطت فى البحر عندما اقتربت من المشفى
قلت بزعر بينما ترتعش يداى
_اية سيارة ؟لاتقولى أنها السيارة التى استقلها أبى وامى
بكت بشدة بينما تجيب
_لقد مات الجميع فى السيارة غرقا امك وأبيك وجدتك
لا اعلم ماللذى اصابنى بالتحديد وكأن كل شيئاً توقف بى عند تلك الكلمات كانت تبدوا أكثر صخبا من اى شيئ سمعته من قبل صرخت فى وجهها قائلة
_انت كاذبة لم يمت أبى لم تمت امى قولى انك كاذبة
كانت تنظر إلى وتبكى فقط قبل أن أسقط فاقدة الوعى لاستيقظ فى المشفى واجد جدى وأحمد إلى جوارى لا اعلم كم بقيت من الوقت فى المشفى اقترب جدى قائلا
_كيف حالك يا حبيبتى
نظرت إليه بعين تملؤها الدموع وقلت بصوت يكاد أن يكون مسموعا بينما اعتدل واجلس على سريرى
_اخبرنى أنها كانت تكذب ياجدى اين أبى وامى
نظر جدى وأحمد إلى بعضهما
وعانقنى جدى باكيا وهو يقول
_ارجوكى أن تكونى قوية لتحمل هذا أنه أمر الله ياريم علينا الرضى بقضاء الله
كأن قلبى يحترق أشعر بحرارة تسرى فى صدرى لم استطع تقبل هذا وبدأت فى الصراخ بشكل هيستيرى لأجد طبيبا وبعض الممرضات يقتحمون الغرفة فور سماع صراخى أمسكن بى وأعطانى الطبيب جرعة من المهدأ لابقى على تلك الحالة لعدة أيام أخرى افيق لاصرخ هلعا ثم اغيب عن الوعى
كان على تقبل الأمر فى النهاية وما الفائدة لو بقيت اصرخ حتى آخر العمر لن يعود من رحل وفارق الحياة تحسنت حالتى واستعدت وعيى لكن بقيت فى حالة من الصمت وعدم التصديق
خرجت من المشفى بصحبة خالى وأحمد وفاطمة دلفت إلى بيت جدى كان يبدوا منتشحا بالسواد تتجمع فيه نساء العائلة مرتديات عبائات سوداء نظر الجميع إلى عند وصولى إلى البيت تجمعت النساء حولى يرددن نفس الكلمات التى يحاولن مواساتى بها لم أكن اود سماع اى شيئ جذبت فاطمة يدى إلى غرفتها وأغلقت الباب لم اتفوة بكلمة منذ عدة أيام الا سؤالى لفاطمة عن اخى اسلام كنت اود ان اعرف هل أخبره أحد لماذا لا أراه ضمن الحاضرين اخبرتنى أنه من المفترض أن يصل اليوم لأن اجرآت السفر قد استغرقت تلك الأيام استلقيت على السرير قبل أن يدخل جدي ويقبل جبهتي.
دلفت خلفه امرأة عجوز ولديها وشم على ذقنها اقتربت مني وقالت:
لا تحزني يا ريم لديك عائلة تحيط بكِ
أمسكت بيدى ونظرت إلى كفى وأخذت تتحسسه بطريقة غريبة ثم ابتسمت وقالت انت جميلة شعرك طويل ولديك خصلة بنيه كبيرة هل قمتى بصبغها
اومأت رأسي نفيا دون كلام
اجابتها فاطمه قائلة:
_ريم تمتلك تلك الخصلة البنية منذ ولادتها
اخذت تتحسس شعرى تنظر إلى عيني حتى أننى شعرت بالريبة من أمرها ثم خرجت بعد قليل
طلبت من فاطمة أن تصحبنى إلى قبر أبى وامى ثم ذهبنا معا إلى القبر وطلبت منها العودة وان تتركنى بمفردى
وبعد جدال من فاطمة التى لم تكن تريد أن تتركني ذهبت اخيرا بقيت انظر الى القبر غير مصدقة ما حدث قبل عدة أيام كنا معا لا أصدق هذا بدأت فى البكاء بشكل هيستيري وجلست ممسكة بقفل القبر وضعت رأسى على باب القبر وأخذت انادي بقلب مكلوم
لا اعلم كيف غفوت ربما فقدت وعيي لكننى فتحت عيناي لأحد الظلام يحيط بى من كل مكان غربت الشمس وحل الظلام كيف مر كل هذا الوقت بينما أنا لا أشعر بأى شيؤ.
المزيد من الأخبار
يوميات قطرة الندى، ميران وتحديات التوحد
النداء
ملئ بالحب