منّي إلى السّارتَيْن 

Img 20250227 Wa0002

 

كتبت: ملاك عاطف

لقد تأخرت الحروف حتى ظنت مشاعري أنّها ستُنسى، وغاب الحماس حتى حسبته سيفتر، وتسرب الوقت من بين أصابع الأيّام حتى كاد شكري يجزم أنه لن يصلها! 

إنّها تستحقه بحفاوة بالغة، والقدر الذي جمعني بها رغم أنف المسافات يعرف هذا، وفخري بها حين علمتُ بحصولها على لقب القمة ما زال يثني عليها أيضًا، ومحادثتنا التي كانت خاليةً من مراسلات لطفنا، أصبحت مفروشةً بعسجد صدق عونها وامتناني! 

هي ماهرةٌ بالوفاء، تجيد الصدق ببراعة، وتتقن فنّ فهمي ببساطةٍ تجعلني أكسر كل حواجز الخجل التي أبنيها لا إراديًا بيني وبين الناس؛ كي أسوق خاطري إلى التمنع عن طلب المساعدة التي باتت تشعرني بالنقص في الآونة الأخيرة.

لقد نجحت سارة عماد هذه المرة في تخليصي من كلفتي، ووجدتني /بعد تمعني برقيها وخفة ظلها/ أركض إليها؛ لتصحبني معها إلى معرض الكتاب. وفعلًا، زرته بفضلها وأنا على سريري أمسك بهاتفي وأركز انتباه حواسي على رسائلها الصوتية المفعمة بالصبا والحيوية، بينما راحت هي تحكي لي بعفويةٍ آسرة، عن كل ما تلتقيه العيون في القاعات، قرأت علي عناوين الكتب، ونقلت إلي الفوضى اللذيذة المحببة لنا جميعًا، والمنبعثة من حناجر رواد المكان حيث تختلط حوارات الأصدقاء القراء ببهجة الكتّاب وهم يتركون توقيعاتهم للناس على مؤلفاتهم بسعادة ورضا، وتتداخل بصخب الأمسيات والفعاليات المُقامة بطابع فرادةٍ مميز.

ولم يتوقف عطاء البنت السخية عند هذا الحد، بل تعداه ليحول سطور ‘نحن المغيبون’ إلى أنغامٍ عذبةٍ جرت على طيب لسانها؛ لتكسر صمت لغة الحبر التي لا تفقهها عيني، وتتلو على مسامعي إبداع أ. سارة وإخلاصها الدافئ الذي غمرت به صفحاتها؛ كي تطير إلى بلادي وتطيّب جراحنا. وهاأنا أقرأ ذات المجموعة القصصية مرةً ثانية بعين إحساسي، وأتبع بوصلة صوت سارة مرةً أخرى، وأتذوق نبل المشاعر المصاغة في تدفق الكلمات، وأتأمل حجم البذل وعظم التضحية البادرة من السّارَتَيْن، وأحمل لكلتيهما في عمق روحي تقديرًا وامتنانًا لا يضاهى! 

فإلى سارة عماد أقول: شكرًا لرقتك حين مسحت بكل لطفٍ على عقدة خجلي حين استحال علي التخلص منها، وشكرًا على شداك الذي كسا وجداني بملامح ‘نحن المغيبون ‘ الخالدة.

وإلى كاتبتها أقول: دمت، ودام عبق أثر قلمك الساحر بصمة تضامنٍ لا تزول، ودام نتاج لبّك الصافي نفيسًا خالصًا لا ينقطع.

عن المؤلف