حوار: عفاف رجب
الأفكار الجديدة تحتاج دائمًا إلي الحركة والإصرار والقدرة على البناء والشجاعة، لكن من النادر جدًا أن نرى أحدنا يملك الشجاعة الكافية لمطاردة تلك الموهبة إلى كل الأماكن المظلمة التي من الممكن أن تأخذه إليها، لنسلط الضوء على مصباح جديد من مصابيح الأدب فإليكم موهبة اليوم.
فؤاد سامح، كاتب روائي بعقده الثاني، صدر له روايتين، واحدة منذ عامين وهي “لورانيا” والثانية في معرض القاهرة القادم بعنوان ” الخروج الأعظم”:
هي رواية فلسفية اجتماعية تدور أحداثها في المستقبل البعيد حيث يصل البشر إلىٰ ذروة التقدم العلمي، ولكنهم يواجهون انهيارًا كارثيًا يُعيدهم إلىٰ حياة بدائية بسبب ظهور قوة مُعادية تُطيح بسيادتهم علىٰ الأرض ليصبحوا تابعين للأسياد الجُدد، تستعرض الرواية صراعات البشر السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما تُلقي الضوء علىٰ أنظمة القهر المُستبدة.
نحن هنا بصدد رحلة إلىٰ المُستقبل حيث يُجبر الإنسان علىٰ التخلي عن حضارته برمتها ليسكن الجبال والصحاري كما كان البشر الأوائل، فهل سينجوا البشر في آخر أيام الأرض؟ هذا ما سنعرفه لاحقًا.
إلى النص:
_عادةً لكل كاتب بداية مأساوية تجعله ينعزل عن البشر ويلجأ للكتابة كـ حل بديل للتعبير عن ما يجول في خاطره، كيف كانت بدايتك؟
-لم تكن مأساوية علىٰ الإطلاق كما يدعي البعض، كانت بداية لا شيء يُميزها، أحببت القراءة وأحببت الكتابة، وجدت عندي ملكة التعبير بإشادة البعض فسعيت علىٰ تنميتها يومًا بعد يوم.
_الوصول للنجاح يحتاج إلى اجتهاد وعزيمة قوية، وكل كاتب تُقابله عثرات في طريق النجاح، كيف صنعتِ من تلك العقبات إيجابيات لك؟
-بكل تأكيد الطريق مُلبد بالعثرات، ولكني أرىٰ دائمًا النجاح نصب عيناي، كل زاد حملي ووهن عظمي وانحنىٰ ظهري طالعت المُستقبل من بعيد فأراني هناك أقف علىٰ أرضٍ صلبة أحمل بين يدي ما أفخر به وما يُرضي ربي، وقتها تلين العقبات وتكون دافعًا للأمام.
_من الذي تحب أن يقرأ له الكاتب من الكتّاب القدماء؟ وهل يوجد الآن من الكتّاب من يصل إلى درجتهم في الفكر؟
-أحب الرافعي، فله سطوة علىٰ الكلمة، كأنه يُروض اللغة ويصقلها لتكون سلاحًا فتاكًا بين يديه، يأخذ به الألباب ويأثر به النفوس، أما عن الكُتاب المُعاصرين فلي باعٌ طويل معهم، وهناك الكثير والكثير ممن يستحقون أن يكونوا علىٰ القمة حقيقةً.
_هل تعتقد أن الكتابة تندرج تحت مسمي الموهبة أم الهواية أم خلاف ذلك؟ وما هو مفهومك عنها؟
-من وجهة نظري – التي يمكن أنت تُخطيء أو تُصيب – أنها موهبة، ولكن إن لم أشحذها بالقراءة والعلم والتعلم فلن تكون أبدًا، فحتىٰ إن كان الكاتب يملك ملكة الكتابة إن لم يسعىٰ لتطويرها فلا وجود لها.
_بمن تأثر كاتبنا العظيم، ولمن تقرأ الآن؟
-كما أسلفت وأخبرتكِ كان الرافعي ولا يزال.
_بالنسبة لك؛ ما هي المعايير الواجب توافرها لدي الكاتب، وهل تفضل صاحب الكلمات العميقة أم البسيطة التى تجذب القارئ أكثر؟
-الكتابة رسالة، والكاتب القوي والناجح هو الذي يستطيع أن يوصل رسالته للقارئ إن كانت كلماته عميقة أو بسيطة، الكاتب القوي هو الذي يستوقف الكاتب بما كتب ليتساءل: كيف عرف ذلك عني؟ كيف أخترق أعماقي؟ كيف وكيف وكيف… فتلك الكيف هي بداية نجاحة وعنصر قوته.
_من المؤكد أن وراء كل قصة نجاح مشجع، من كان مشجعك على الدوام؟
-بعضٌ من أصدقائي، كما أن هناك بعض الأشخاص الذين كان لهم أثر قوي علىٰ مسيرتي، منهم من سيقرأ وسيعرف نفسه حتمًا.
_أزدهرت الرواية أم أنحدر، من وجهة نظرك، وكيف ترى مستقبل الرواية من الآن وحتى عشر سنوات؟
-بالطبع ازدهرت ولا نقاش في ذلك، ولكن الأدب بصورة عامة بدأ يتضائل بسبب اقتحام الناس الكتابة دون أن يمتلكوا الموهبة، وحتىٰ إن ملكوها فلم يُهيئوا أنفسهم جيدًا لخوض هذا الغمار الشاق، ولكني لا ألومهم بالطبع كما ألوم القائمين علىٰ النشر بتسهيل فرص النشر لمن لا يُجيد الكتابة أصلًا لتحقيق الكثير من المبيعات ليس إلا، والذي بدوره دفن الكثير من المواهب لعدم وجود قاعدة جماهيرية كافية، فالنشر أصبح لمن يحقق مبيعات أكثر عوضًا عمن يملك الموهبة، ما انحدر هو أسلوب النشر وفرصه وليست الرواية، الرواية ستظل تزدهر رغمًا عن ذلك.
_إيلاما يطمح الكاتب بالمستقبل؟ وأين ترى نفسك بعد خمسة أعوام من الآن؟
-إني لا أستبق الأحداث في ظل المُتغيرات الكثيرة التي تحدث، ولكني أتمنىٰ أن أصل لما أرجوا يومًا، أتمنىٰ أن أنفع الناس بما تخطه يداي، وأن يكون مكتبة أحدهم مليئة بكتبي التي أتمنىٰ أن يستخدمني بها الله ولا يستبدلني.
_كيف ينظر الكاتب إلي كل من..
• الصداقة..ينظر إلىٰ الصداقة علىٰ أنها وطن.
• القلم..وللقلم علىٰ أنه سلاحٌ قاطع يُبتر إذا أراد، وضمادة تلتئم بها جروح لم تُشفىٰ.
• الشعر..الشعر فينظر له علىٰ أنه أنغام الكون وأصدائه، وبهاء الدنيا وصفائها، وتجلي اللغة علىٰ عقول المُختارين.
_هلّا كتبت لنا مقتطفاتٍ من كتاباتك.
-وفي الكُتب أرواحٌ نلاقيها فنستأنس بها، تمدنا بِالطمأنينة وترفع عنا قليلًا مِن الجهل، تُنير العقول وتجعلنا نغوص في عوالم مليئةٍ بالحكمة – تلك – التي فقدناها منذ أمد، نبصر بها حقائق الأمور التي تلحفت بالزيف حتىٰ اندثرت في غيابة الزمن، تزيح الستار كُل يوم عن الشبهات التي امتلأت بها رؤوسنا فنشعر بأن العجز يتنحىٰ جانبًا لتظل العقول ككوكب دُري يملأ نوره الكون..
ومن الرائع أننا أُمة اقرأ؛ فنحن مهد العلم والحضارات، ونحن أهل اللغة الصامدة التي لا تشوبها شائبة، اللغة التي تملأ مفرداتُها البحار كُلها وما نفدت، ولأنها لغة عزيزة النفس فقد بدأت في الانحسار حِينما بدأ أهلها في اتخاذ نهج العجم، بَل ويتفاخرون بذلك أيما فخر، حتىٰ إذا تحدثوا بلغتهم الأم باتوا كما العرب المستعربة..
فلذلك اتبع قول ربك واقرأ، واتبع السلف الذين أصبحوا نجومًا نهتدي بها في ظلمات البحر اللُجي، وكن ذا أصالة وقوم لسانك علىٰ القول الفصيح الذي يملؤك وقارًا.
_ما هو العامل الأساسي الذي يدفع الكاتب لاستمرار والتطوير من ذاته، وما نصيحتك لكل المبتدئين؟
-العامل الأساسي هو إدراكه لقيمة الكلمة، ومعرفته لقوتها التي تصنع المعجزات، فهو صاحب الرسالة التي ما إن يُدرك قدر مسئوليتها لأصبح رقيبًا حسيبًا علىٰ نفسه، ويظل يتبحر هنا وهنا ليدفع نفسه للأمام ويبرز بوجهٍ جديد يكون له شأن، فإن عظم الكلمة ورفع من شأنها لرُوضت له وكانت دافعًا لاستمراره وتطوير نفسه، وأعتقد أن تلك قد تكوني نصيحتي لكل مبتدأ ونصيحتي لنفسي قبلهم.
_من وجهة نظرك ما الذي يجعل الكاتب مميزًا، وهل يُعد لتميزه علاقة بأن للكاتب قُراء كُثر؟
-الكاتب كما أسلفت صاحب الرسالة، فإن كانت عنده القدره علىٰ إيصال الرسالة وبدأت أحرفه تصنع فارقًا في عقول الناس وقتها يكون كاتب مميزًا، كما أن اللغة من العناصر المهمة أيضًا.
_حدثنا عن تجربتك ما دار النشر التى تشارك معها هذا العام؟ وما هي الرسالة التى تود إرسالها إليهم؟
-تجربة موفقة بحمد الله، ولم تك تلك المرة الأولىٰ بل الثانية ولن تكون الآخيرة إن شاء الله، وإن كانت هناك رسالة فهو كل الشكر للقائمين علىٰ الدار وجزاهم الله عنا خير الجزاء.
_ما الرسالة التى يود الكاتب إرسالها ونصح الغير بها وإلى العالم؟
-أن يجعل الله نصب عينيه في كل حرفٍ يكتبه، ويعرف جيدًا أنه شخص مؤثر في الفكر، فعليه أن يعمل جاهدًا أن يكون تأثيره ذاك عملٌ يؤجر عليه ولا يكن ضده.
_كيف تنظر إلي مجلة إيفرست الأدبية، وحوارنا الخاص؟
-لكُلٍ من أسمه نصيب، وأسمها خير دليل عليها، لم تكن تلك المرة الأولىٰ التي يكون لي فيها حوار مع تلك المجلة المميزة، فلي عظيم الشرف أن أُعيد التجربة مرارًا وبإذن الله في المرة المُقبلة ستكون تلك المجلة هي القمة، وفقكم الله وسدد خُطاكم.
ومنا نحن مجلة إيفرست الأدبية نتمنى التوفيق والنجاح الدائم للكاتب فؤاد سامح فيما هو قادم له إن شاء الله.
المزيد من الأخبار
صاحب رواية “عدسة” أحمد زين معرض الكتاب مجلة إيفرست الأدبية
المبدع محمود نبيل محمود يحكي قصة أعماله في حوار خاص مع إيفرست
إيمان مؤمن عبدالعليم في حوار خاص مع مجلة إيفرست الأدبية