سارة أسامة النجار
سنبدأُ العامَ الجديدَ خارجَ جدرانِ منازلِنا كطائرٍ فقدَ عُشه، يحلقُ بلا اتجاهٍ في فضاءٍ يلفّهُ الدمارُ ، ولن نزورَ المطاعمَ كما كُنَّا نفعلُ في السّنواتِ السّابقةِ، بل سنخرُجُ عن المألوفِ، وسنقضي ليلةَ رأسِ السّنةِ في خيامٍ باليةٍ مزقتها الرّياحُ واثقلتها دموعُ اللّيلِ. ولن نُقذِفَ الألعابَ النّاريةَ، لأنَّ الغاراتِ تُنيرُ السّماءَ، وتُزلزِلُ الأرضَ من تحتِ أقدامِنا، وتَنثُرُ الفزعَ بدلًا من الفرحِ. لسنا بحاجةٍ للعدِّ التّنازليِّ وصولًا إلى الصفرِ، كونَنا نعيشُ في هاويةٍ تجردتْ حتى من الصفر، لا قاعَ لها سوى الصبرِ.
سنعدُّ تصاعُديًا بعدَ الرّقمِ 453، وهو عددُ أيّامِ الحربِ الممتنعةِ عن هجرانِنا في غزَّةَ. ولا مكانَ للحلوى على موائدِنا، فَوجباتُ الجوعِ أنستْ أجهزتَنا الهضميّةَ لوغاريتماتِ التّعاملِ مع الأطعمةِ.
رأسُ السّنةِ يُطلُّ علينا كوحشٍ تصطكُّ أنيابُهُ لِتهميشِ ما تبقّى من مقوّماتِ العيشِ، وفي جُعبتِهِ مُتَّسعٌ لِحصدِ ضحايا جُددٍ. للسّنةِ الثّالثةِ، يأخذُ السّلامُ عطلةً مفتوحةً، أمامَ رصيدٍ جارٍ للخرابِ والدّمارِ والإرهابِ.
لكنّي سأغضُّ الطّرفَ عمّا يجري، وسأضمدُ بصري، كي أناجيكِ يا 2025، راجيةً أن تَهَبينا لطفَكِ، وأن تكوني حمامةَ الفرجِ التي ستفكُّ أغلالَ الأمانِ، وتحرِّرُ السّلامَ، وتُعبِّدُ الطّريقَ أمامَ الأكسجينِ كي نتنفَّسَ الصُّعداءَ، ونغرسَ بذورَ أملٍ في تربةٍ أنهكَتها الحروبُ. ونُحييَ بداخلِنا الأمنياتِ، مع عودةِ ترسانةِ الحياةِ للدَّورانِ.
وسنحتفلُ برأسِ السّنةِ في اليومِ الذي سيتوقَّفُ فيه العدوانُ عن قطاعِ غزَّةَ. ولحينِهِ: كلُّ عامٍ والإنسانيةُ تملأُ قلوبَكم، وكلُّ الأمانِ لأيّامِكم التّالية.
المزيد من الأخبار
وجع الانتظار ومتاهة الاختيار
الألم
الورقة