كتبت منال ربيعي
في كل خطوة أخطوها، كان ظلي يتبعني كرفيق لا يفارقني. لم أعره يومًا اهتمامًا، ظننته مجرد انعكاس باهته لحضوري، صامتًا، بلا روح. لكن في تلك الليلة، حيث احتضنت الغرفة ظلامها العميق، شعرت بوجوده مختلفًا. كان هناك ثقل في الهواء، وكأن الظل يُمعن النظر في روحي.
سمعته يناديني، صوتًا ليس كأي صوت، بدا وكأنه يأتي من أعماقي، من تلك الزاوية المظلمة التي تجنبت النظر إليها طيلة حياتي. قال لي:
“كم من الأوجاع خبأتها عن العالم؟ كم من الجروح نزفت بصمت؟ أنا ظلك، أنا من يعرفك أكثر مما تعرف نفسك.”
ارتعشت. حاولت الهرب، لكن أين المفر من ظلك؟ وقفت هناك، في مواجهةٍ لم أخطط لها. كان يروي لي تفاصيل تلك الليالي التي كنت أرتجف فيها وحدي، تلك القرارات التي ندمت عليها، وتلك الأحلام التي دفنتها تحت ركام الخوف.
كنت أصرخ داخلي: “أنا لست ما تقول، لست ضعيفًا، لست منهزمًا.” لكنه ضحك، ضحكة حملت حزن العالم كله، وقال: “لست ضعيفًا، ولكنك إنسان. وللإنسان حق أن ينهار، ثم ينهض.”
حينها، أدركت أن ظلي لم يكن عدوي، بل كان المرآة التي رفضت النظر فيها. لم يكن ضعفًا، بل كان رفيقي، يحمل عني كل ما عجزت عن حمله.
وقفت أمامه، ليس كمحاربٍ، بل كصديقٍ أخيرًا. مددت يدي إليه، مددت يدي إلى نفسي.
وفي تلك اللحظة، شعرت بالسلام.
المزيد من الأخبار
أقبل الإختلاف
حقوق المرأة في الحياة الزوجية
ليت