كتبت: آلاء فايد
مرحبًا كما ترى يا صاح، إن كلمة النرجسية قد انتشرت بكثرة في الأونة الأخيرة؛ حتى أصبح الأصدقاء يلقبون بعضهم بها، وكأنها شيء عظيم الشأن ياللسخرية، جئت اليوم لتبادل المشورة بيننا وأرجو في نهاية مناقشتنا أن أكون قد أقنعتكَ برأي ولو بنسبة صغيرة.
إذًا من أين بدأت قصة النرجسية؟
ظهرت النرجسية للمرة الأولى عِند شاب إغريقي يسمىٰ “نركسوس الإغريقي” يحكى أن هذا الشاب كان يتميز بالجمال الساحر فوقع في حُب ذاته؛ فكان يُحب النظر لوجهه بكثرة، فأخبره أحد يومًا ما أن يذهب إلىٰ النهر؛ حتىٰ يتأمل جمال انعكاسه بشكلٍ أفضل، فذهب وظل يقترب ويبتعد؛ حتىٰ يرىٰ وجهه بأحسن صورة؛ حتىٰ وجد نفسه في وسط النهر ولسوء حظه لم يكن يعرف السباحة؛ فغرق ومن هُنا خرجَ مَثل أوقعه جماله.
حسنًا ما هي النرجسية؟
النرجسية إحدى الاضطرابات النفسية، وهو مرض يعاني منه نسبة كبيرة مِن البشر بدرجاتٍ متفاوتة، الشخص النرجسي لديه حُب الذات المرضي، مما يجعله شخص صعب التعامل؛ فهو لا يتقبل الانتقادات ويُحب فرض رأيه، يرىٰ أنه يعلمُ كُلَّ شيء؛ بينما هو لا يعلم إلا القليل فقط، يُكرر كلمة أنا كثيرًا ويرىٰ نفسه محور الكون، تتميز تلكَ الشخصية بالغرور الشديد وهذا يجعلهم غير محبوبين علىٰ صعيد العلاقات، أعلمُ أن الأشخاص النرجسيين لديهم الكثيرُ من العيوب مما يصعب تعاملهم مع الآخرين، ولكن للنرجسيين مميزات أيضًا كما الجميع لديه عيوب ومميزات؛ فالكمال للله وحده، يرىٰ النرجسيون أنفسهم مِحور الكون مما يدفعهم للسعي والعمل بجد؛ حتىٰ يصلوا لأعلىٰ المناصب، الشخص النرجسي مُثابر، ودؤوب، ويطمح دائمًا في الوصول لأعلىٰ المناصب.
أعرفُ ما يدور بعقلكَ الآن ما سبب هذه النرجسية؟
عادةً ما تكون بسبب البيئة التي ينشأ بها الطفل، طريقة تعامل الأهل مع الأطفال سواء إن كان الإعجاب المُفرط أو الانتقاد المُفرط؛ فالعاملان يؤديان لنفس النتيجة، وللعوامل الوراثية أيضًا تأثير كبير.
إذًا ما هو علاج ذلكَ الداء؟
نَحنُ نعلم أن الوقاية لطالما كانت خيرٌ مِن العلاج فكيف نقي أنفسنا وأطفالنا من هذا الوباء الذي أكاد أيقن أن كُلَّ مَن لديه داء النرجسية يعاني بشدة بِعكس ما يظهر لنا؟ فإن نظرنا مِن خلف الستار سنرىٰ الشخص النرجسي سعيد؛ فهو يَملكُ شخصية قيادية بشدة تجبر كُلَّ مَن يعرفه علىٰ تقديم الطاعة، ويظهر أيضًا أنه يمتلك ثقة بالنفس عمياء، ولَكن لا تَدع المظاهر تخدعكَ عزيزي؛ فالشخص النرجسي لديه ثقة هشة للغاية يُخفيها خلف غروره المَزعوم، إذًا عزيزتي بَعد كُلِّ ما علمتيه عن معانات النرجسيين أظن أنكِ ستسعي جاهدة؛ حتىٰ لا يُصاب أطفالكَ بهذا الداء الشنيع، كيف أقي طفلي؟
لا تفرط في شيء بمعنى؟
قال الله تعالىٰ “إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا”، الإفراط بِكُلِّ شيء سواء أن كان المال أو المشاعر أيًا كان، فالنتيجة واحدة عزيزي الإعتدال هو الحل؛ حتىٰ المشاعر أنفقها بإعتدال أي كُف عن التحدث مع طفلكَ وكأنه الأجمل، الأذكىٰ أو حتىٰ الأغبىٰ؛ فأنت تتركُ ندبًا غائر في جوهرة دون عِلم منكَ، وإن فات الأوان وظهرت تلكَ العلامات التي أفصحت عنها قبل قليل؛ فخذه إلىٰ طبيب نفسي مُختص، وتذكر أن كُلَّ ما أسرعت كُلَّ ما قلت درجة الخطورة، إذًا أتمنىٰ أن أكون قد أوصلت لكَ ما في جعبتي من أفكار، وأن أكون قد أقنعتكَ ولو بنسبة صغيرة، فهذا كُلُّ ما أريد.
المزيد من الأخبار
لا تحرق نفسك
يصبح الصمت خيانة
استغفار