من سلسلة فتاة إسكندرانية بقلم إيمان يوسف أحمد
رسائل البحر
ما زلت أؤمن أن البحر يحتفظ بأسرارنا، يخبئ رسائلنا التي لم نجرؤ أن نرسلها، ويُهدهد وجع القلوب حين تضيق. كلما ضاع مني الكلام أو خذلني بشر كنت أثق بهم، ذهبت إليه وجلست على صخرة أعرفها جيدًا، كأنها صديقة قديمة تحفظ دمعي ولا تفضحني. أمامه فقط، لا أنكر ضعفي ولا أُجيد الادعاء، أترك روحي تتكلم دون حواجز، وأعترف أنني مجروحة… لكنني لم أنكسر.
مرةً سألته بصوت لا يسمعه إلا قلبي: لماذا يرحل الذين نحبهم؟ لماذا لا يكتمل شيء في حياتنا دون ثمن؟ لماذا نُعطي كثيرًا ولا نجد من يحتوينا حين نتعب؟ لم يجبني بكلمات، لكنه أرسل موجة صغيرة لمست قدمي برفق، وكأنه يقول: “كل ما يغادر يعود بطريقة أخرى، ربما أجمل، وربما أنقى.”
فهمت رسالته… الحياة ليست عادلة دائمًا، لكنها ليست قاسية عبثًا. كل فقدٍ يصنع مساحة لما هو أعمق، وكل وجعٍ يكشف معدن أرواحنا، وكل خطوة موجعة تقودنا إلى طريق لم نكن نراه. علّمني البحر أن أثق بالله أكثر من ثقتي بالأشياء، وأن أترك ما يؤلمني يرحل دون مقاومة، فالباب الذي يغلقه القدر لا يجب طرقه ثانية.
ومن يومها لم أعد أكتب رسائل لأحد… كل رسائلي صارت للبحر، ولربي، ولنفسٍ تتعلّم النجاة بصمت.






المزيد
كن سببًا خفيفًا للسعادة بقلم إيمان يوسف أحمد
أنت حقيقي من غير اضافات بقلم فاطمة فتح الرحمن أحمد
هل ترغب في الحياة بقلم سها مراد