كأنها مأوى في عالمٍ بارد.
الكاتب هانى الميهى
من يراها لا يفهمها سريعًا، فمفتاحها لا يُصنع من الكلام، بل من الصدق.
تحيط نفسها بضبابٍ من الغموض، لا لأنها تحب الغموض، بل لأنها تخاف الوضوح حين يُعرّيها أمام من لا يقدّر عمقها.
هي تلك التي تُضحك من حولها بينما تُخفي خلف ابتسامتها قلقًا قديمًا لا يزول.
قلبها أشبه ببيتٍ قديمٍ دافئ، تُغلق نوافذه كل مساء لتُبقي الحنين في الداخل.
تتذكّر التفاصيل الصغيرة، الكلمة، النبرة، اللمسة، الوعود.
ولأنها تحفظ كل ما يُقال، فإنها تتألم أكثر ممن لا يعني ما يقول.
هي لا تنسى، لكنها تسامح بصمتٍ مؤلم.
لا تُحب المواجهة، لكنها تُجيد الانسحاب بشرف.
حين تبتعد، فاعلم أنك لم تخسر امرأةً عادية، بل خسرت مأمنًا كان يمكن أن يُنقذك من قسوة العالم.
تبدو باردة أحيانًا، لكنّها في داخلها بحرٌ من المشاعر المتلاطمة.
تحب بصدقٍ لا يعرف نصف الطريق،
تتعلق بالروح قبل الملامح،
وحين تُحب، تُصبح مُلكًا لمن اختارته، لا تتقاسم ولاءها مع أحد.
غيرتها صامتة، مؤلمة، تشبه احتراقًا داخليًا لا يُرى.
إن شعرت بأنك تخونها ولو بالنظر، تنسحب من قلبك دون ضجيج،
تتركك تتساءل: متى تغيّر دفؤها إلى برودٍ؟
ولا تعلم أن ما انكسر في داخلها لا يُرمَّم.
في العمل، دقيقة حدّ الوسوسة،
تُجيد التنظيم كأنها تبني بيتًا من المشاعر والعقل معًا.
تكره الفوضى لأنها تُربك قلبها قبل فكرها.
في الصداقة، نادرة الولاء، تُنصت أكثر مما تتكلم،
وتكون الملجأ حين يخذل الجميع.
لكن احذر، إن شعرت بالخذلان، لا تواجهك… بل تختفي،
كأن وجودها كان حلمًا لطيفًا انتهى فجأة.
هي مزاجية كالقمر الذي يتبدّل نوره،
لكنها لا تتبدّل في جوهرها.
في لحظةٍ واحدة قد تضحك حتى البكاء،
ثم تصمت كمن تذكّر وجعًا قديمًا.
تتأثر بالمكان، بالموسيقى، بالروائح،
فكل شيءٍ عندها ذاكرة.
قد تبكي لأغنيةٍ سمعتها منذ عام،
وقد تضحك لأن أحدهم أعاد إليها لحظةً ظنّت أنها ماتت.
هي أنثى ترتدي الحنان درعًا، والكرامة تاجًا،
تبدو ناعمة، لكن بداخلها مقاتلة لا تُهزم.
تحمي من تُحبّ حتى من نفسه،
وإذا شعرت بأنه تعب، تُقاتل لأجله حتى وهي تُستنزف.
لكنها إن شعرت أنه لم يعد يراها،
تضع حدًّا لا يُكسر،
وتغادر بخطواتٍ ثابتة تُوجِع أكثر من البكاء.
في الليل، تُفكّر كثيرًا،
تحاسب نفسها على ما قالته وما لم تقله،
تخاف الفقد أكثر من الموت،
وتتمنى أن تُحَبّ بطريقةٍ لا تُرهقها،
بل تُشبه طريقتها في الحب: دافئة، صادقة، ثابتة.
هي لا تبحث عن الكمال،
بل عن الأمان،
ولا تريد العالم،
بل قلبًا يسعها حين تضيق الحياة.
هي أنثى حين تُحب، تُعيد تعريف الحب،
وحين تُغادر، تُعيد تعريف الغياب.
تُشبه المطر في وفائها،
والقمر في تقلبه،
والبحر في غموضه،
والبيت في دفئه،
والأم في حنانها،
والجرح في صدق ألمه.
المزيد
اصمدي يا نفسي واستمري – الكاتبة سها مراد
حين يصمت الزحام – الكاتب هاني الميهى
زحام الأرواح – الكاتبة زهراء حافظ رحيمه