شيء من الماضي
🖋عبدالعليم حمدالحاج
في زوايا ذاكرتي، هناك حديقة صغيرة، ليست كأي حديقة، بل مملكة من الضياء والبراءة، حيث الشمس كانت تتسلل بين أغصان الشجر كأنها ترسل لي قبلة دفء في صباحٍ بلا هموم.
كنتُ أميرًا صغيرًا في قصر الرمال، أبني مملكتي بحفنة تراب وقليل من الأحلام، والطيور كانت تغني ألحانًا تُعيد للروح شبابها، وكأنها تهمس: “لا تنسى أبداً أن تفرح”.
في تلك اللحظات، كان الوقت يتوقف، والألوان تتراقص حولي كأنها لوحات تُرسم من نسمات الحرية. وكانت ضحكتي نورًا يضيء السماء، تستعيد براءة القلب قبل أن تعتركه تعقيدات الحياة.
ذاك العالم الصغير كان جزيرتي التي أنجو إليها، حين تضج المدن بالأصوات والوجوه الغريبة،
رحل الزمان لكن الذكرى باقية، تهمس لي بأن السعادة تكمن في لحظة بسيطة، في رائحة الأرض بعد المطر، في لمسة يد تعني الأمان.
وفي تلك الحديقة المخبأة بين طيات الزمن، كانت الطبيعة تصنع لي ألحانًا تسافر بي إلى عالم بلا حدود،
حيث العصافير ترقص على أغماد الفرح، والأشجار تحكي قصص الغيوم التي تهمس بأسرار السماء،
كنت أتمشى بين ظلال الماضي، ألاحق نجمة صغيرة تسير بي بخفة، كأنها تجسد رمزي للبراءة والنقاء.
كل زهرة كانت حكاية، وكل نسمة نسجت من خيوط الحلم سرًا لا يفنى،
وكانت يد الطبيعة تلمس روحي بلطف، تذكرني أن الحياة رغم تحدياتها، تظل واحةً من الأمل والصفاء،
أن نكتشف فيها الجمال في أبسط التفاصيل، ونحفظ في قلوبنا ذكريات تضيء لنا الطريق حين يعتم الأفق.
وهكذا، تظل الحديقة الصغيرة في ذاكرتي ملاذًا، سجلًا حيًا لدفء طفولة، وأمنيةً سرمدية أن نبقى دومًا أطفالاً في عالم نرتسم فيه بألوان الفرح والخيال.
#الأمير المتمرد
المزيد
اصمدي يا نفسي واستمري – الكاتبة سها مراد
حين يصمت الزحام – الكاتب هاني الميهى
زحام الأرواح – الكاتبة زهراء حافظ رحيمه