—— زحام الأرواح——-
✍️ د.زهراء حافظ رحيمه
في وسط ذلك الزحام المريب من البشر،
رأيتُ أحوالهم تتناوب بين رجاءٍ وخيبة،
بعضهم يتمنى لو يتأخر الوقتُ قليلًا،
وآخرون يرجون أن يصلوا قبل أن يفوتهم شيء.
وجوهٌ تضحك، وأخرى تخفي خلف ملامحها وجعًا دفينًا،
كأن الدنيا قد جمعت في لحظةٍ واحدةٍ كلّ تناقضاتها.
في ذلك الزحام،
شعرتُ وكأن أحوال الإنسان التي يمرّ بها في عمره كلّه
قد تجمّعت على وجوه الجميع؛
فرحٌ، وحزنٌ، وانتظار، وضياع…
حتى بدا لي الزحام مرآةً كبرى لقلوبنا جميعًا.
أصابني القلق،
كأنّني عشتُ جميع أحوالهم دفعةً واحدة،
فبقيتُ في مكاني أتأمل الزحام،
متوقفةً عن كل شيء،
بينما الرياح تسير، والهواء يُحرّك الأشياء من حولي،
إلا أنا… كنتُ الساكنة في عالمٍ يمضي دوني
البعض يسير،
جسده فقط هو من يتحرّك،
أمّا روحه فقد علقت في مكانٍ ما،
عند ذكرى، أو حلمٍ لم يكتمل.
والبعض يسير،
يحمل في قلبه أملاً صغيرًا يضيء له الطريق،
كشمعةٍ تتحدى الريح،
يمشي بثقةٍ رغم ثقل الطريق،
كأنّه يؤمن بأن الخطوة الواحدة نحو النور
كفيلةٌ بأن تهزم عتمة العمر كلّها.
وهكذا نمضي جميعًا،
نحمل أوجاعنا بصمتٍ،
ونسير بين الزحام بخطًى متعبة،
نبحث عن معنى، عن دفءٍ، عن وصولٍ
لا نعلم أين يكون…
وفي ذلك الزحام،
فتّشتُ عني،
يا ترى… إلى من أنتمي؟
أأنا من أولئك الذين يمضون رغم التعب،
أم من الذين علقت أرواحهم عند عتبة حلمٍ قديم؟
المزيد
اصمدي يا نفسي واستمري – الكاتبة سها مراد
حين يصمت الزحام – الكاتب هاني الميهى
الماضي رجلٌ غليظ – الكاتبة سيّدة مالك