حين يكون القمر شاهداً
بقلم د. أمجد حسن الحاج
هناك، فوق ذلك الجرف الصامت…
وقف رجل يحمل في داخله ألف صرخة مكتومة،
تكسّرت بداخله الأيام،
وصارت السماء أقرب إليه من البشر،
وصار القمر… رفيقه الوحيد.
الليل حوله هادئ، لكنه ليس كهدوئه،
فالهدوء الذي يلبسه هو صمت الجروح،
ووزن الذكريات،
ذاك النوع من الصمت الذي لا يُكسر بالصوت…
بل بنظرة للوراء، أو تنهيدة عميقة لا تجد مَن يسمعها.
أمام القمر، لا حاجة للتظاهر بالقوة،
لا حاجة للابتسامة المصطنعة،
ولا لادّعاء الثبات…
القمر لا يسأل، لا يحكم، لا يغادر،
يكتفي بأن يكون شاهدًا.
وقف هناك وكأنه يسأل السماء:
كيف وصل بي الطريق إلى هذا الفراغ؟
كيف سقطت بين الشقوق دون أن أشعر؟
لماذا كل شيء يبدو بعيدًا… حتى نفسي؟
الناس تمر، تغادر، تنسى،
أما هو، فبقي بين الجانبين…
لا على اليابسة، ولا في الهاوية،
معلّقًا بين قرار لم يُتخذ،
وألم لم يُشفى.
كل شيء فيه كان ينادي الرحيل،
لكن شيئًا صغيرًا – ربما الأمل –
جعله يبقى واقفًا…
يتأمل القمر كأنه يبحث عن نفسه في ضوءه،
يبحث عن إجابة واحدة تبرر كل هذا الألم.
وفي تلك اللحظة،
لم يكن بحاجة لمن يُنقذه،
بل لمن يفهم صمته،
لمن يربت على روحه ويقول له:
“أنا أراك… حتى في ظلامك.”
نعم… تلك الصورة ليست مجرد جرف،
وليست مجرد رجلٍ وحيد أمام قمر،
إنها لحظة صدق نادرة،
بين إنسانٍ وألمه،
بين القلب وما تبقى منه،
بين الحياة… واللاشيء.
وربما، فقط ربما،
المزيد
اصمدي يا نفسي واستمري – الكاتبة سها مراد
حين يصمت الزحام – الكاتب هاني الميهى
زحام الأرواح – الكاتبة زهراء حافظ رحيمه