مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

حين قررت سهلة أن تموت – الكاتبة سيّدة مالك

عنوان النص : حين قرّرت سُهلة أن تموت
بقلم : سيّدة مالك

ورأت الأُم أنّ ابنتها البِكر سُهْلَة كانت تشقُّ يدها بالموس الذي أراح به والدها صلعتهُ ، وقصَّ من خلالِهِ الضفائر ناسيًا الأظافر ، وضفائرهُ ، وهو رجلٌ صالح ، تدلّت حتى كتفيه فكان يغيظ بها الجيران والرِّفاق في الليالي الطويلة والصغارُ نِيامٌ ، قبل أن يقطعها ويَبرُزَ الصَّلعُ من حُفرتهِ .
رأت زونابا ، الأمُ التعيسة ، الدم وهو يُقطِّر أحمرًا حُلوًا كالعنب ، وبدل أن تصرخ ، فضّلت أن تتخيّل أيَّ الألوانِ هي مَتَاعٌ للعنب ، ويالَهُ من خيالٍ ، إذ لامس الإحمرار أقدامها ، وكان خفيفًا ، لزجًا ، يَخُضُّ القلب .
ومع أنَّ الشمسَ بدأت بالخروج ، والدّيك الأسود ناحَ بالغناء ، إلا أنها لم تنجح في سماعِ الغناء وإنما سَمِعَت أنه كان يبكي ، فلم يُغنّي ديكٌ قَط مع الصباح وإنما يكتفي الديك بالبكاء( شاطفًا الهواء حولهُ ) يبكي على أقدامهِ الحافية ورأسهِ المُقعّر ويبكي إذ يرى الشمس ، لم تعلم زونابا ، ولن تعلم أبدًا أنها أحدُ أسبابِ بُكاء الدّيك .
لأنها إذ ذاك كانت مشغولةً في رؤيةِ الصباحَ يصيرُ ظُهرًا ، من شدّة التأوّه ونضوج الفكرة .
ولمّا همّت أن تصرُخ للحظة رأت أنّ السماء تُمطر سلاحف ، فركضت نحو الخارج وتمنّت أن تلتصق بوجهها سلحفاةٌ يانعة حَتّى يُصيبها العمى ، وارتطمت السلاحف بكل شيءٍ ، حتى سُهْلَة المسكينة ساعد دمُها سلاحف كُثر على العبور إلى شاطئٍ آخر ، أما زونابا فلم تسقط عليها واحدة ، إنها كانت معصومة من كل ذلك ، كانت في نعيم جهلها تسبح وتضحك إذ ترى أُمًّا وحيدةً شديدةَ البلاهةِ تضع بيوضَها حتى تفقِس .