تيهٌ في بحور القصيد بقلم أمجد حسن الحاج 

تيهٌ في بحور القصيد بقلم أمجد حسن الحاج

كثيرًا ما أجدني غريبًا في مرافئ القصيد، أُلقي شباكي في محيطٍ مترامٍ فلا أعود إلا بفراغٍ يتثاقل على صدري. الوزنُ يفرّ من بين أصابعي كحبات رملٍ متطايرة في مهبّ ريحٍ عاتية، ألاحقه فأراه يختبئ خلف أفقٍ لا يُدرك، والإيقاع حين يلوّح لي كأنّه وعدٌ باليقين، سرعان ما ينكسر في ممرّات المعاني، فيتركني في التيه. القوافي تبتعد كلما حاولت الإمساك بها، تُشبه أطيافًا سماوية لا تُدرك باليد ولا تُحاصر بالعين، إن مددتُ نحوها طرفًا تلاشت، وإن حاولتُ حمايتها أثقلتني كحديدةٍ تتوهج في النار.

كلماتي ترفض الانقياد، تهمس ثم تختفي، تتدلّى كسرابٍ على طرقٍ جافة لا ماء فيها. أبني جملةً فتثور عليّ بالحروف الناقصة، أزيد مقطعًا فتدفعني إلى قاع الملامات، كأنني مسجونٌ بين جدرانٍ لا باب لها. ومع ذلك، يظل الحلم في داخلي حيًّا، أن أقبض على لؤلؤةٍ واحدة من بحر المعاني، أن أجد قافيةً تستكين على شاطئ صدري، أن يصفو هذا التيار الجامح، فأغدو شاعرًا يمشي بخطى موزونة، لا تبتلعه العواصف ولا تضلّ به المفازات.
بقلم د. أمجد حسن الحاج