كَتَبت : سهيلة آل حجازي
في الدنيا ساحات تملأها الأنوار، وآخرى معتمة يسودها الظلام، وحياة الإنسان متاهة بها آلاف الساحات، وفي كل ساحة لغز أو حل، لكنه لا يعقل ما يجد، بقدر ما يتصوره؛ لذا يخطأ في تصور ما خلف الكون؛ لأنه يتصور بما لديه مِن موجودات، يري بعين رأسه ثم يبني علما يرى أوهام لا حدَّ لها ولا حصر، يطالع الموجودات التي تتغير مِن جيل إلي آخر، ثم يتخيل القوة التي أنشأتها وفق ما يراه، وينسى أن النواميس التي تحكم الكون ثابتة، وأن الموجودات متغيرة، يدخل إلي متاهة سرمدية معتمة، وعندما يحاول الخروج يجد نفسه مكبلًا بخيوط العنكبوت، وعلي الرغم من وهنها إلا أنه لا يستطيع التخلص منها، يسأل نفسه لِمَ هو هنا، فتجيبه بأن عقله الذي لا يعقل سبب بلائه يحاول أن يجدَّ لنفسه مخرجًا، لكنه أعمى البصر والبصيرة، فكيف سيخرج مما دخل فيه، بدون الوصول إلى نقطة صحيحة يرتكز عليها؛ لذا دعى الدين الحنيف إلي التعقل أثناء التفكر في خلق الله؛ كي لا نتوغل في متاهات الظلام الملعونة، ونخسر آخرتنا ودنيانا، نكتشف كل يوم معارف جديدة، لكننا لا نصل إلي نهايتها، ومع ذلك لم نسأل أنفسنا، لمَ لم نصل إلي نهايتها، نشعر بالملل من السعادة، من الحزن، من المرض، من كل شيء، فنسعى لتغييره دون تعقل أو وضع حل، ثم نردد جملة واحدة “نحن عاجزون”
في الحقيقة نحن عاجزون؛ لأننا خاضعين لأهوائنا وشهواتنا، لم نحاول يومًا كبح هوانا، ولم نسيطر يومًا على شهواتنا؛ لأننا نسعي خلفيهما بكل جوارحنا، وننسى المهمة العظيمة التي وضعت فوق أكتافنا، ألا وهي تعمير الأرض، بالعلم والعمل الصالح، ولو أدرك كل إنسان الأمر، لَمَا شعر بالملل، فمَن كان يدرك منا قيمة أن يكون مع الله، وقيمة السعي لتحقيق الرسالة التي وضعت علي كاهله، سيصل إلى الراحة في الدنيا والآخرة.
اللهم بارك