“كتبت منال ربيعي
كنتُ طفلةً حين سرقني الليل من ضجيج النهار، فأحتمي بنافذتي، أحدّق في القمر مكتملًا، أُناجيه كصديقٍ وفيّ، وأتغزل به كحبيبٍ غائب، يطلّ من وراء ستائر ضوئه الفضي. كنتُ أقسم في سري أنه يبتسم لي، وأن وهجه لم يكن سوى لمسةٍ حانية تُربّت على وحدتي.
وفي ليلةٍ ساكنة، حيث كان القمر في أوج اكتماله، شعرتُ أن ضوءه يزداد سطوعًا حتى بدأ يتضخم أمامي. حدّقتُ في ذهول، حتى رأيته ينحدر من عليائه، يتحوّل إلى رجلٍ مضيء، يشبه الأسطورة. كان طويل القامة، ملامحه مزيج من النور والظل، عيناه واسعتان كسماءٍ لا نهاية لها، وشعره منسدل كضوء القمر حين ينساب على صفحة الماء. لم يكن بشرًا، لكنه لم يكن غريبًا عني.
تجمدتُ خوفًا، لكن عيني ظلّتا معلقتين به. اقترب مني، رفع يده كأنها هالةٌ من نور، ثم مدّها نحوي برفق، وقال بصوتٍ كأنما نسج من همس النجوم:
“أنا هنا لكي لا تخافي.”
تلك الجملة لم تفارقني أبدًا. ظلّ صوته لحنًا خفيًا، أستحضره كلما ساورني الشك أو استبدّ بي الخوف.
هو هنا… لا شكّ في ذلك.
وسيأتي يومًا… ذلك الحبيب الغائب.
فقط، سلخت سنوات الفراق روحي من دونه
المزيد من الأخبار
عزة النفس أولاً
جميعنا أشرار!
نعمة العافية