وأخيرًا فهمتُ الدرسَ 

Img 20250226 Wa0157

 

سارة أسامة النجار 

 

طنينُ العالمِ يبعثرُ سكينةَ روحي، فأخطاءُ البشرِ لم تعُدْ تُحتمل. حيثُ تنتابُني الرغبةُ أنْ أمسكَ عودَ خيزران، أصكُّ به جلودَ الكونِ؛ ومن شدةِ غضبي غرستُ أظافري في العودِ، مخلفةً ثقوبًا مصطفةً بإنتظام؛ ليولد ناي، أهمسُ بجوفهِ خبايا روحي، مع تراقصِ أصابعي على صدره. فيغني للعالمِ لحنًا شجيًا، يكبحُ جماحَ صرخاتِ قلبي، ويشتتُ فوضى الحياةِ التي تحاولُ إغراقي.  

وفي الوقتِ الذي تصدحُ نغماتُ السلام، أستردُّ زمامَ إدراكي، فأنا لستُ وصيًا على الأمةِ كي أصلحَ هفواتهم. ولستُ شرطيَّ مرورٍ كي أمنعَ حوادثَ البشرية، أنا مجردُ إنسانٍ فهم متأخرًا أنَّ الحكمةَ تقتضي ألا نركضَ خلفَ سرابِ المثالية.  

 

أشتريتُ تذكرةَ الصمتِ، أتابعُ مسرحيةَ الحياةِ، واكتفيتُ بمشاهدةِ الأشياءِ وهي تذهب، وهي تأتي، وهي تبقى حتى، إني لا أفعلُ شيئًا سوى المشاهدة. أترنحُ بينَ الاستمتاعِ والاستهجانِ، دونَ أنْ أحاولَ رسمَ سناريوهاتٍ جديدة.  

هذه ليست دعوةً للتواكلِ، حاشا لذلك! أنا فقط أدعوك لتعلم الصمتِ أمامَ من يؤذيك، وتقبل القدرِ عندما يبتليك القديرُ، وتأمل سحرَ الطبيعة.  

 

وفي ختام هذا الصمت الذي اخترته، أدركتُ أنَّ السلامَ الداخليَّ لا يتحقَّق بالركضِ وراءَ الوعودِ الزائفةِ، ولا بملاحقةِ الأوهامِ التي تشتتُ قلبَ الإنسانِ. فالحياةُ تمرُّ، كأمواجِ البحرِ، ونحنُ فقط من نقرِّرُ كيف نواجهُها. إذ تذهبُ اللحظاتُ كما تأتي، لكنَّ ما يبقى فينا هو الأثرُ الذي تتركهُ، والتصالحُ مع أنفسنا. فالهدوءُ هو القوةُ التي لا يعرفها سوى من احتسوا مرارةَ الهدوءِ بعدَ العواصفِ، وحملوا في داخلهم سلامًا، لا يحتاجُ إلى إثباتٍ.

عن المؤلف