أذْكُر أنني نمت بعد انهيارٍ مُفزع فاستيقظت شخصًا لا أعرفه

Img 20250207 Wa0092

 

بقلم: سارة عماد 

 

في ظلام الليل المخيم، حين كانت الطيور قد غادرت أعشاشها، وبدأت النجوم تخلع خِمارها، كنتُ أنا أسير في دروب من الضياع والهزيمة، كانت المشاعر تأكلني بشغف، تمزقني إلى قطع صغيرة، كالأمواج العاتية التي تلتقط أصداء صراخٍ مبحوح في أعماق البحر، مشدودةً إلى قاع من السكون، انتهى يومي بما يشبه الانهيار، حيث كانت أحلامي تنهار أمام عيني ككُتل من حطام، استسلمت للنعاس، وتركت رأسي ينزلق نحو السجادة المُبَطَّنة بمشاعر الفشل، حلمت بأنني أطفو فوق بحرٍ من الأسئلة عن الذات، كنت سابحًا في ذلك الفضاء الغير محدد، حيث أتساءل: من أنا؟ وما مصيري؟

استيقظت في صباحٍ باهت، وسط ضوءٍ شاحب قاتم يدخل من النافذة، ليكشف لي عن شخصٍ غريب يطل عليّ، كان وجهه يحمل حكايات لم أسمعها من قبل، عينيه تتسعان كالبحار، وكأنها تتسع لعالمٍ جديد، لم أكن أعرفه، لكنه كان يحمل بقايا من ملامحي، كأنه شظايا من نفسي المتشظية، “هل أستطيع مساعدتك؟”

سألتني صوته بمودة، كأنه يقرأ ما في أعماقي من ألم، فكرت في الإجابة، لكن الكلمات لم تكن سهلة، اك الشخص الذي لم ألتقِ به من قبل، كان يحمل إشراقة جديدة، ويبدو كأنه يرفع الستار عن مشاهد جديدة من الحياة، أدركت في تلك اللحظة أنني في حاجة ماسة لاكتشاف هذا الشخص الغريب، هل يمكن أن يكون هو الأمل الذي أبحث عنه؟

ذلك النور المنبعث من ظلام الليل، والذي ينساب برفق نحو اللاشيء، كأنه يعدني بأن الفجر آتٍ لا محالة، احتضنت مشاعري المتأججة وقررت أن أستمع إليه، واستطعت أن أرى في عينيه لمحات من الشجاعة التي لم أكن أمتلكها، وأتصور أننا من الممكن أن نكون رفقاء في هذه الرحلة، نكتشف سويًا معاني جديدة للحب والنجاح والأمل بعد الهزيمة، ذهبت إلى ذلك الفضاء الغريب، حيث قد ينصهر الماضي بأحلام جديدة، أتناول كل تجربة بأيدي مفتوحة، كطفلٍ يعود إلى ألعابه بعد غياب طويل، أتعلم أنه عندما ننهار، قد نعيد بناء أنفسنا بأشكال لم نتوقعها، وبتلك المباركة المجهولة، يصبح العجز مكتسبًا، والتشوهات ظلالًا من الجمال؛ لقد نمت بعد انهيارٍ مُفزع، لكنني استيقظت لألتقي بنفسي الحقيقية، تلك النسخة التي أرغب في التعرف عليها، وكأن الحياة كانت تنتظرني لتصنع ما كان مفقودًا، لتبدأ فصلًا جديدًا من محطات الأمل والشغف، حيث يصبح المستحيل ممكنًا، وتصبح الأبعاد التي كنت أخشى تجاوزها، سرابًا يُعانق سماواتٍ جديدة لم أكتشفها بعد، أذكر ذلك اليوم جيدًا، حيث تعلمت أن النهوض بعد الانهيار ليس فقط واجبًا، بل هو دعوة للاحتضان من جديد، وللحب في أشكال غير متوقعة.

عن المؤلف