كتبت: هاجر حسن
سؤال يُطرح علينا يوميًا بتنوع السائل، والإجابة غالبًا تبدأ بـ “أنا”، يتبعها اسمنا أو لقبنا الذي نفتخر به.
حين نُسأل: “من هناك؟” فيكون الجواب: “أنا فلان”. وكذلك على الهاتف، نبدأ دائمًا بـ: “أنا فلان”.
والبعض يدمج مع الأنا لقبه الذي يعظمه، كأن يقول: “أنا الطبيب”، أو “أنا الوزير”، أو “أنا المعلم”.
لكن لماذا دائمًا نُسبق أسمائنا ب “أنا”؟ ولماذا نضيف ألقابًا نعتقد أنها سترفع من شأننا أمام الآخرين؟
ألا يكفينا أن نقول ببساطة: “معك أحمد”، أو “هنا فاطمة”؟ دون تلك الأنا المتضخمة.
قيم الإنسان الحقيقية لا تأتي من ألقابه أو مكانته الاجتماعية، بل من إنسانيته، وحسن أخلاقه، من سمو تعامله مع الآخرين.
الألقاب قد تسقط، لكن جوهر الإنسان هو ما يبقى.
هوس الأنا قد يقودك إلى الغرور، والتعالي، وربما إلى نسيان ربك. ومَن نسي اللّٰه أنساه نفسه: “نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ”.
حين يغرق الإنسان في حب ذاته وجنون الأنا، يصبح عبدًا لألقابه ومكانته. فيشعر بأنه إذا فقدها أنه فقد نفسه
فرعون قال: “أنا ربكم الأعلى”.
النمرود قال: “أنا أحيي وأميت”.
صاحب الجنتين تفاخر بقوله: “أنا أكثر مالًا وأعز نفرا”.
لكن، لا الغرور ولا الألقاب استطاعت حمايتهم من الهلاك، لأن الغطرسة تفقد الإنسان إنسانيته وتُضعف خضوعه لخالقه.
فلا تدع هوس الأنا يفقدك إنسانيتك. فالحياة قصيرة وفانية، ومرجعك إلى الله، اجعل “أنا” مجرد عادة تعريف للنفس، لا أداة للتفاخر والغرور.
تذكر دائمًا: أنت مجرد إنسان خُلقت من طين، وعلمك ربك ما لم تكن تعلم، فلا تغتر.
خُلِقتَ من الطينِ فإياكَ أن تغشى،
وربُك علَّمك ما لم تعلم، فلا تتعالى.
أنا أعلمُ من في الأرضِ، تفاخر بها موسى،
فأراه ربُه علمًا، من الخضر لم يُنسَ.
يموتُ اللقب مع صاحبه، ويبقى خير السرى،
وكلنا عبيدُ الله، مهما علت دروب الورى.
فلا تعش متباهيًا بهوس الأنا وتطغى،
فكن متواضع الخطى، ترقى للعُلى.
المزيد من الأخبار
إلى فيروز نهاد حداد
الوقت لا يشفي الجراح
الاختلاف والتغيرات