10 فبراير، 2025

إيسة

Img 20250109 Wa0028

.كتبت منال ربيعي

انا التي لقبتني كل النساء بالإلهة،وأنا التي علمت الرجال كيف يمتعهون، وأمرتهم بتدليلهن أنا سيدة الأنهار والرياح والبحر أنا سيدة الأمطار، تجدونني داخل أشعة الشمس

 انا إيسة رمز الحكمة والعطاء انا حارسة الغرب الشمس تاجي والحب هو سر قوتي. من يذكرني ويترنم باسمي أصبح مصدر قوته.كنتُ ملكة السماء والأرض، الحارسة التي لا تنام، والأم التي لا تكِلّ. كانوا يهتفون باسمي عند طلوع الشمس، ويُقدّمون القرابين تحت ضوء القمر. كنتُ أنا، إيسة، سيدة الحكمة، حامية الضعفاء، وحبيبة القلوب التي تنبض.

 

لكن الزمن لا يرحم، والأوفياء يخونون. رأيتُ بأم عيني كيف تهدّم معبدي، كيف انطفأت شموعي، وكيف انحنت التماثيل التي كانت تخلّدني. لم تعد الرياح تردد اسمي، ولم تعد الأنهار تحمل حكاياتي. صرتُ ذكرى، مجرد ظل في كتب قديمة يأكلها الغبار.

 

لكن الأسوأ كان حين فقدتُ حبي. من كان شريكي في العرش، من أقسمنا أن نحكم السماء معًا، غادرني. أخذوه مني، ودُفِن بعيدًا عن نوري. حاولتُ أن أعيده، أن أكسر قيود الموت، أن أصرخ في وجه الظلام. لكنهم كسروني.

 

لآلاف السنين كنتُ سجينة العدم، أراقب العالم يتغير، وأسمع نداءات البشر تغرق في أنانية قلوبهم. نسوا الحب الحقيقي، نسوا العطاء الذي كان قوتي. نسوني أنا، إيسة.

 

لكن الليلة مختلفة. سمعتُ صوتًا يناديني. طفل صغير وقف أمام أطلال معبدي، يهمس باسمي وكأنه يعرفني. كان في صوته ألمٌ أعمق من عمره، وعيناه تحملان نورًا لا ينطفئ.

 

الآن، بعد كل هذا العذاب، عُدتُ. لكني لستُ كما كنتُ. لستُ تلك التي تسامح بسهولة أو تمنح حبها بلا مقابل. أنا الآن عدالة السماء وغضب الأرض. سأعيد بناء عالمي، ولن أرحم من خانني أو نسي حقيقتي. 

عن المؤلف