9 فبراير، 2025

إلا أنت

Img 20250111 Wa0055

 وليد اسماعيل علي

 

في مدينة كسلا السودانية، حيث الجبال الشامخة والطبيعة الخلابة، أعود إليكم اليوم لأروي لكم حكايتي. اسمي علي، وعندما كنت في السابعة من عمري، بدأت صداقتي مع عمر، ذلك الصديق الذي لم أفترق عنه أبدًا طوال حياتي. عشنا جميع مراحل الطفولة والدراسة معًا، وكان بمثابة الأخ الذي لم تلده أمي.

 

قبل خمس سنوات، بينما كنت عائدًا إلى منزلي، لاحظت عمر يخرج من بيتي بشكل غريب، كأنه لص يحاول الهرب. توقفت مذهولًا، متسائلًا ماذا يفعل عمر في منزلي وفي غيابي، بينما زوجتي وحدها هناك. بدأ الشك يتسلل إلى قلبي، وزين لي الشيطان كل المخاوف. هرعت نحو المنزل، وكانت المفاجأة الصادمة بانتظاري.

 

دخلت إلى المنزل لأجد زوجتي مستلقية على الأرض في حالة إغماء. استولى عليّ الغضب، وبدلاً من أن أطمئن على حالتها، أمسكت بسكين وركضت نحو عمر لأحاسبه على ما ظننته خيانة. عندما وجدته في منزله، اندفعت نحوه بغضب، ورغم محاولته تفادي الهجوم في البداية، تمكنت من جرح يده. صرخت في وجهه: “كيف تفعل هذا بي؟ كيف تخونني مع زوجتي؟ لم أتوقع ذلك من أحد إلا منك.”

 

وقف عمر مذهولًا، عينيه تتسعان بدهشة. قال لي: “ماذا تقول، علي؟ هل يمكنني فعل ذلك؟ أنا صديقك، وزوجتك؟” أجبته بنبرة غاضبة: “نعم، ما كنت أعتقده.”

 

قال لي بهدوء: “اهدأ قليلاً، وستعرف كل شيء. نعم، دخلت منزلك لأنني سمعت صراخ زوجتك. لقد كانت تصرخ بصوت عالٍ، فركضت نحوها، وعندما وجدت الأفعى تهاجمها، قمت بقتلها.”

 

في تلك اللحظة، تذكرت أن زوجتي كانت تخاف من الأفاعي. عدت إلى المنزل مع عمر، وعندما استعدت زوجتي وعيها، صرخت مجددًا: “أنقذوني من الأفعى!” سألتها: “أين هي الآن؟” فقالت: “لقد هجمت علي، فخفت واصطدمت بالحائط.”

 

هنا تدخل عمر، وأخبرها: “نعم، وجدت زوجتك في حالة إغماء. أخذت العصا وانهلت ضربًا على الأفعى حتى قتلتها. ستجدونها خلفكم الآن.”

 

عندما نظرت خلفي، رأيت أفعى عملاقة، وقد بدت عليها آثار الضرب. شعرت بالخجل واعتذرت لعمر عن سوء ظني. أخبرته: “أعتذر، لقد كان عليّ أن أتحلى بالصبر وأفهم الموقف قبل أن أهاجمك. لم أتوقع أن تخونني، خصوصًا أنك أعز أصدقائي.”

 

قال لي عمر: “أقبل اعتذارك، لكن تذكر أنه كان عليك التريث. نحن أصدقاء منذ زمن طويل، ولم أتوقع منك الشك فيَّ.”

 

وبهذا، تجاوزنا هذه الأزمة، وعادت صداقتنا إلى مجراها الطبيعي، مذكرين أنفسنا بقيمة الثقة والحوار في العلاقة.

  

عن المؤلف