سُندس خالد حمّامي
أسيرُ في ممر المشفى جامِعة مَخاوفي معي والأضواء الخَافتة ترتجُّ في عينيّ نظرتُ إلى البَاب الّذي مررتُ بقربهِ رأيتُ شابّاً جالس في سريرِهِ وينظر إلى النّافذة، طرقتُ البَاب طرقةٍ واستئذنتُ بالدُّخول لكنَّهُ لم يلتفتُ إليّ حتّى، ما اسمكَ؟
أجابني دونَ أنْ يلتفِت “أنَس” حسناً من يقيم معَك في هذه الغُرفة؟
وحدي هُنا…كانَ لصوتِهِ أن يرتجفُ بداخلي لا أعلمُ ما السّرّ،
-حسناً يجب أن أغير لكَ السائل وأضعهُ لكَ
-أريد أن تنتهي بي الحياة هُنا
-لا يجب أن تفعَل هذا فنحنُ هُنا لمساعدتكَ، هل تتكلّم بما في داخلك وأنا أضع لكَ هذا المَصل؟
-لا أريد
-حسناً على راحتك
وضعت “كارلا” المَصل واقتربت من الباب لتخرج، فناداها من فضلك:
-هل تستطيعين أن تبقي هُنا لبعضِ الوَقت؟
-نعم بالتأكيد…أدار رأسهُ عليها كانَ مخدوش بوجهِهِ والهالات السوداء قد ألتفّت حولَ عينيه وكأنّهُ رجلٌ مسِنّ،
-أنا رجلٌ لم يستطيع أن ينتبه على زوجتهِ ولا طفلهِ الصّغير لقد أضعتهم من يدي، كنتُ أُكلِّل أرواحهم بالحُبّ والدِّفء لكن لا أعلَم أنَّني بيومٍ ما سأكلِّلَهُم بالورود، خدشتْ روحي تلكَ اللَّحظة ولا أستطيع نسيانها للحظتي هذه، مرّت ثلاثة سِنين وخمسة شهور وأربعةَ عشر يوماً…أجهشَ “أنس” بالبكاء نظرَت إلى وجههِ فاستلطفتهُ وقفت قربهُ وطبطبت على كتفهُ ونطقَت،
-لا تقلق الله سوفَ يصبّر قلبكَ أعلم أنَّ ما تمرُّ بهِ صعب جداً لكنّ الله كريمٌ جدّاً وتذكّر دائما {وبشّر الصابرين} أيّ ستأتيكَ بشرة الصّبر، والعَوض قادم لا محالَة،
-بإذن الله أيتها الطَّبيبة
-اسمي “كارلا” ناديني باسمي
«بعدَ مرورِ سنة كامِلة»
-نحنُ هُنا اليَوم أتذكُر أينَ كُنا منذ سنةٍ؟
-نعم بالتّأكيد لولاكِ ما كنتُ هُنا اليَوم، أنرتِ لي طريقاً لم أكُن أراه، وكنتِ لي خيرَ سندٍ، لم أقوى على الحَياة في كلِّ هذه السِّنين إلّا معكِ، ولم أكُن بخير إلّا معكِ، شكراً لأنّكِ معي وهذا العَوض الّذي أخبرتني بهِ يا جَميلتي، سبحان من وضعكِ في أحشاءِ قلبي
-أخجلتني كثيراً بلُطفكَ هذا، جمعني الله بأمنياتِي أيضاً منذُ لقائِي بك وأنا هُنا لأجلكَ فقط…كانَت “كارلا” تضع رأسها على كتف “أنس” كانوا يجلسون على مقعدٍ خشبيّ في ساحةِ المشفى، هُنا كنتُ أجلس مع مخاوفي الآن أجلسُ مع مَن أحبّ.
المزيد من الأخبار
سموم سوء الظن
أميرة الماضي الأسود
أذْكُر أنني نمت بعد انهيارٍ مُفزع فاستيقظت شخصًا لا أعرفه