كتبت حور حمدان
يا أرضاً اختزلت مجد الأزمان وجراح الإنسانية، أيا مهد الأنبياء ومهوى الأرواح، كم ثقلت خطايا الطغاة على ثراكِ المقدس، وكم استباح المحتل طهركِ بكل أدوات القهر والجبروت.فيكِ، تُسرق الأحلام من عيون الأطفال، ويُقتلع الأمان من جذوره كأنّه جرمٌ لا تستحقينه. أنفاسكِ يا فلسطين متقطعة بين هدير القذائف وصدى الرصاص، وكأنّ الموت قد نصب خيامه بين أزقتكِ، لا يفارقكِ لحظة ولا يترككِ تستكينين. أخبريني، كيف لليل أن يغفو وأنتِ موشومةٌ بالدمع والدم؟ كيف للشمس أن تشرق، وسماءكِ مُثقلةٌ بدخان الأسى؟ أكلُّ هذا الخراب قد صار قدركِ الأبدي؟ أم أنّ الطغاة ظنّوا أنّهم بظلمهم يطمسون هويتكِ ويُطفئون وهج صمودكِ؟
يا مدينة الأحزان، كل حبة رمل فيكِ تحمل تاريخاً أعظم من بطشهم، وكل حجرٍ من حجارتكِ شاهدٌ على جبنهم. إنّهم يحسبون أنّهم أسيادكِ، وما علموا أنّكِ ملكةٌ عصيةٌ على الانحناء، وأنّكِ تكتبين ملاحم الخلود بأظافركِ الجريحة، وبدماء شهدائكِ، فلسطين، أيقونة البقاء، يا نبضاً لا يموت، ويا صوتاً لا يخفت. صمودكِ ليس مجرد فعل، بل هو نبوءةٌ خالدة بأنّ الطغيان مهما تعاظم زائل، وأنّكِ ستنهضين من تحت الركام كطائر الفينيق، تحرقين ظالميكِ بنار الحق الذي لا يخبو صبرا، يا زهرة العذاب… فإنّ للعدل موعداً، وإنّ للياليكِ فجراً قادماً، ولو بعد حين.
المزيد من الأخبار
صراع
ماشي
بين طيات الزحام