كتبت: خولةُ الأسدي
قرأتُ شيئًا يقولُ ما معناه: إنَّ التعودَ يقتلُ فينا ما كان غيرَ معتادٍ على الشيءِ، وبموتهِ لا نعودُ نهتمُّ كما السابق.
وحينَ فكرتُ بالأمرِ، تذكرتُ نفسي، وكيفَ أفرُّ من مشاهدةِ معاناةِ الآخرين، سواءً أهلنا في فلسطينَ والسودانِ، أو أيِّ شيءٍ آخر.
أنا لا أبحثُ عن الفيديوهاتِ المؤلمةِ التي تتصدرُ الأخبارَ، وإذا صادفتني أثناءَ تصفحِ مواقعِ التواصلِ، أتجاوزُها بهلعٍ وتأنيبِ ضميرٍ!
وفي المراتِ القليلةِ التي كنتُ أتعثرُ فيها بنصٍّ يتحدثُ عن شيءٍ من هذهِ الأحداثِ الكثيرةِ الموجعةِ، كان الألمُ يحتلني لأيامٍ، كداءٍ عضويٍّ؛ وهذا ما كان يبررُ لي الفرارَ بصحبةِ مقدارٍ أقلَّ من تأنيبِ الضميرِ، الذي يُبالغُ في مثاليتهِ وهو يعاتبُني قائلًا: إنَّ من أبسطِ واجباتي هي مشاركتُهمُ الوجعَ!
ولكنه لا يُجيبُ إجابةً منطقيةً حينَ أسأله: وهل سيساعدُهم بشكلٍ ملموسٍ وجعي إن حدث؟
حتمًا لن يفعلَ، وعليه، لماذا نُصرُّ على ممارسةِ المازوخيةِ بحقِّ أنفسِنا، وتعذيبِ قلوبِنا من غيرِ طائلٍ؟
نحنُ، أو لأكونَ أكثرَ دقةً، أنا بصفتي فتاةً عربيةً يمنيةً غيرَ عاملةٍ حتى، لا أستطيعُ أن أساعدَ بشيءٍ سوى الدعاءِ، وهو لا يُشترطُ فيه أن يكونَ مُغمسًا بالدموعِ ليكونَ صادقًا.
وهكذا، كانت المرةُ الوحيدةُ التي شاهدتُ فيها فيديوهًا مؤلمًا، هي لشابٍّ يمنيٍّ تعرَّضَ للضربِ المبرحِ الذي أدى لموتهِ، من قبلِ عصابةِ هواتفَ تبتزُّ النساءَ. ورغمَ أني لم أشاهدْ سوى دقيقتين أو أكثرَ قليلًا، لكني مرضتُ لأيامٍ مع ذلك، ولم يُفارقْ منظرهُ ذاكرةَ قلبي حتى اللحظةِ.
ومن حينها، لم أعدْ أسمحُ لفضولي بجرِّي إلى تهورٍ كهذا، وربما أكونُ قد تورطتُ مراتٍ عديدةً بقراءةِ شيءٍ ما، أو مشاهدةِ بعضِ صورٍ، لكني لم أكررْ خطأ مشاهدةِ الفيديوهاتِ، ولو بدونِ صوتٍ حتى.
المزيد من الأخبار
من نحن
هلّا عُدت
المعاصي والتوبة.