في قلبِ الكونِ

Img 20241203 Wa0121

الـكـاتـبـة سلسبيل حسين`

 

في قلبِ الكونِ المملوءِ بالظلماتِ، حيثُ تترنَّحُ الأفكارُ بينَ الارتباكِ والصمتِ، تظهرُ الكاتبةُ، تلكَ التي لا تخافُ من الحروفِ ولا تتراجعُ عن المسيرِ في طرقٍ مليئةٍ بالأشواكِ، تلكَ التي لا تُرهبُها الأبعادُ ولا تخيفُها المسافاتُ. هي من تملكُ القوةَ التي تجعلُها تبتكرُ من العدمِ فكرًا، ومن الجمودِ حركةً، ومن الصمتِ صدى. هي الكاتبةُ التي لا تساومُ على رؤاها، ولا تُفرطُ في كرامةِ كلماتِها.

تكتبُ بحزمٍ، تكتبُ بجبروتٍ، تكتبُ لتصنعَ عالمًا يُصنعُ من فكرتها، من قلمها، من ذاتها. لا مكانَ للترددِ في كلماتِها، ولا موضعَ للارتباكِ في جملِها. كلُّ حرفٍ تكتبهُ هو صرخةٌ في وجهِ الزمانِ، هو لسانٌ يرفضُ الخضوعَ ويصرُّ على أن يكونَ صوتهُ هو الأعلى. هي الكاتبةُ التي لا يعيقُها شيءٌ، ولا ينقصُها أمرٌ، ولا يُوقفُها خوفٌ ولا يثنيها شكٌ. هي التي تكتبُ لتصرخَ في وجهِ من حاولوا إسكاتَها، لتقولَ للعالمِ: “أنا هنا، وأنا هنا بكلِّ قوتي، بكلِّ عزمي، بكلِّ إيماني”.

الحروفُ التي تكتبها لا تكونُ مجردَ علاماتٍ، بل هي صخورٌ تنهارُ أمامها الجبالُ، هي سيولٌ تجرفُ كلَّ ضعفٍ وكلَّ خنوعٍ، هي أفقٌ يسابقُ الزمنَ، ويعلنُ للوجودِ أنَّ الحكايةَ لم تنتهِ بعدُ. الكتابةُ بالنسبةِ لها ليست مجردَ فعلٍ، بل هي ثورةٌ لا هوادةَ فيها، وسلاحٌ لا يتوقفُ. الكاتبةُ هي تلكَ التي لا تضعفُ أمامَ العواصفِ، ولا تهدأُ أمامَ الرياحِ، ولا تساومُ على ما آمنتْ به.

تكتبُ لأنَّ الحروفَ هي أجنحتُها، والقلمُ هو سيفُها، والورقُ هو الميدانُ الذي تخوضُ فيه معركتَها. كلماتُها هي نارٌ تشتعلُ، وتضيءُ، وتبقى، وستبقى، لأنَّ الكاتبةَ التي لا تساومُ على حلمِها، ولا تنكسرُ أمامَ جراحِها، هي الكاتبةُ التي تكتبُ لتخلدَ، لتبقى.

عن المؤلف