14 ديسمبر، 2024

حين تضيق الدنيا تسبيحًا ينجيك

Img 20241111 Wa0083(1)

 

 

 

كتبت الشيماء أحمد عبد اللاه 

 

 

في أعماق المحيط حيث الظلام يغمر كل شيء، وبين طبقات المياه العميقة التي لا يصلها ضوء الشمس، كان يونس عليه السلام يجد نفسه في موقف لا يضاهيه أي مأزق بشري. 

 

في بطن الحوت، محاطًا بجدران الظلمة، وقف يونس عليه السلام في لحظة من اللحظات الأشد قسوةً، وحيدًا وذليلاً، لكنه لم يكن يائسًا.

 

 فقد كان قلبه عامرًا بالإيمان، ولسانه ملهجًا بذكر الله، فنادى بقلب خاشع: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، دعاءً نقله من أعماق الضيق إلى رحاب الفرج.

 

من هذه الصورة المعبّرة التي تجسد الحوت العملاق، نستلهم رسالةً عظيمة عن السكينة والسلام الداخلي في أوقات الشدة. 

 

فكلما ضاقت علينا الدنيا وتراكمت الصعاب، هناك دومًا أمل يتجسد في التسبيح واللجوء إلى الله، كما فعل نبي الله يونس. 

 

يُذكرنا هذا الموقف بأن الله قريبٌ يسمع مناجاة قلوبنا المضطربة، وينقذنا بطرق لا نتوقعها، إنه درس عميق في الاستسلام الإيجابي الذي يُخفف من ثقل الشدائد.

 

كما يُظهر تصميم الصورة تجسيدًا جماليًّا لمشهد تسبيح يونس في بطن الحوت، حيث تسبح الأسماك الصغيرة بجوار الحوت في مشهد يوحي بالسكون والسلام. 

 

وكأنّ في ذلك إشارة إلى أن الكون بأكمله -بما فيه من مخلوقات- يُشارك الإنسان تسبيحه في لحظات الضعف، كما لو أن كل شيءٍ في الكون يُعيننا على الوصول إلى الله في أوقات المحن.

 

ثمّ إن التسبيح هو أحد أسرار السكينة، فهو ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو ملاذ الروح، ذلك الملاذ الذي يُعيد للإنسان توازنه وقوته.

 

 إن “سبحانك” تحمل كل معاني التنزيه والتقديس، وكأنها تعني أنّ الله أعظم من كل همومنا وأكبر من كل مخاوفنا، وأنه -سبحانه- قادر على تبديل حالنا بين لحظة وأخرى، كما أنجى يونس من بطن الحوت وغيّر مسار حياته.

 

 إن قصة سيدنا يونس في بطن الحوت ليست مجرد حكاية قديمة تُروى، بل هي مصدر إلهام لكل إنسان يمر بضائقة أو يواجه محنة. تعلمنا أن نسلم أمرنا إلى الله ونذكره بقلوبنا قبل ألسنتنا، ونتذكر دائمًا أن الفرج يأتي مع الثقة بقدرة الله.

عن المؤلف