كتبت: حور حمدان
فِلَسْطِينُ الأَرْضُ الَّتِي تَتَجَلَّى فِيهَا حِكَايَاتُ الصُّمُودِ وَالأَلَمِ، وَطَنٌ لَمْ يَنْكَسِرْ رَغْمَ مَا يَمُرُّ بِهِ مِنْ جِرَاحٍ. هُنَاكَ، تَحْتَ ظِلَالِ الزَّيْتُونِ وَالصَّبَّارِ، تُولَدُ حِكَايَاتٌ مِنْ صُمُودٍ وَبُطُولَةٍ، تُحْكَى لِلْأَجْيَالِ كَمَا تُحْكَى عَنِ الأَبْطَالِ.
فِي فِلَسْطِينِ، لَا تَكْفِي الْكَلِمَاتُ لِوَصْفِ الْمُعَانَاةِ؛ فَكُلُّ بَيْتٍ هُنَاكَ يَحْمِلُ جُرْحًا، وَكُلُّ عَيْنٍ تَنْظُرُ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ بِإِصْرَارٍ لَا يَعْرِفُ الِانْهِزَامَ. مُنْذُ عُقُودٍ طَوِيلَةٍ، وَالشَّعْبُ الْفِلَسْطِينِيُّ يُوَاجِهُ قَسْوَةَ الْحِصَارِ، يُنَاضِلُ لِلْحِفَاظِ عَلَى أَرْضِهِ وَهُوِيَّتِهِ، يَتَحَدَّى الْمُحْتَلَّ بِكَلِمَةٍ، بِرَسْمٍ، بِصَوْتِ طِفْلٍ يَقُولُ لِلْعَالَمِ أَجْمَعَ: “سَنَعِيشُ رَغْمَ الْأَلَمِ”.
هِيَ أَرْضُ الْأَجْدَادِ، أَرْضُ التَّارِيخِ وَالذَّاكِرَةِ، حَيْثُ تَنْبُضُ الشَّوَارِعُ بِأَسْمَاءِ الشُّهَدَاءِ، وَتَتَعَالَى أَصْوَاتُ الصِّغَارِ بِتَحَدٍّ يُحْيِي الأَمَلَ فِي نُفُوسِ الْكِبَارِ. فِلَسْطِينُ لَمْ تَكُنْ يَوْمًا مُجَرَّدَ قَضِيَّةٍ، بَلْ هِيَ رَمْزٌ لِلْكَرَامَةِ، وَرِسَالَةٌ تَحْمِلُهَا أَجْيَالٌ بَعْدَ أَجْيَالٍ.
وَوَسَطَ الدَّمَارِ وَالْحِصَارِ، تَنْبُتُ الْوُرُودُ مِنْ رَحِمِ الرَّمَادِ، لِيُؤَكِّدُوا لِلْعَالَمِ أَنَّ فِلَسْطِين سَتَبْقَى حَيَّةً فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا، وَأَنَّ الْحُرِّيَّةَ قَادِمَةٌ مَهْمَا طَالَ الأَمَدُ. فَالشَّعْبُ الَّذِي يَسْتَمِدُّ قُوَّتَهُ مِنْ الأَرْضِ، لَنْ يَنْكَسِرَ، وَسَيَظَلُّ يَصْنَعُ مِنْ ضَعْفِهِ قُوَّةً، وَمِنْ أَلَمِهِ أَمَلًا، لِيُعِيدَ لِفِلَسْطِين مَجْدَهَا وَحَقَّهَا الْمَسْلُوبَ.
المزيد من الأخبار
لذة الحياة
شمس الحرية
حكاية شتاء مع لُب الشعور