كتبته : الإعلامية سبأ الجاسم الحوري.
في البدءِ كان الصمتُ ملكًا يُعتلي،
والكونُ في أبهى سُكونٍ مُبجّلِ،
فجاءَ أمرُ اللهِ: كُونوا، فانبثقت،
نجومُ السَما تُنيرُ ليلًا أبهى وأكمَلِ.
زُرعت شمسٌ في قلبِ الفجرِ شُعلةً،
وأُسدلت ليلًا في السماءِ أحكامًا،
نظرتْ السماءُ بعينِ خالقها،
فنطقت الأفلاكُ: سبحانَ مَن هدى.
بسطَ الله الأرضَ بحنانٍ مُحكَمٍ،
وزرعَ فيها بحورًا تُنيرُ في الظُلمِ،
ومدَّ فيها سهولًا وجبالًا شامخات،
كلُّ ذرةٍ فيها تسبح بحمدٍ وأَسَفٍ.
وأشجارٌ تروي قصصَ الأبدِ،
تغنيها الرياحُ على نغماتِ الوَدِ،
وأزهارٌ قد نسجتْ ألوانَ الحياة،
كأنها قيثارةٌ في يدِ الرِّضا والسَّرمد.
وفي أعماقِ المحيطاتِ أسرارٌ خفية،
تنطقُ بالكمال في كلِّ قطرةٍ صافية،
مخلوقاتٌ قد بُعثت دونما عدد،
كلُّ نبضٍ فيها يشهدُ للعليِّ في البريَّة.
وفي هذا الفلكِ الواسعِ تحيا الأكوانُ،
وفي قلبِ الإنسانِ سُرّ الخالقُ مصونٌ،
سُمِعَتْ من روحهِ ألحانٌ خافتة،
تتأمل في الصمتِ وتنتظرُ الردَّ الميمون.
فما الإنسانُ إلا مزيجٌ من نور،
خلقٌ من طينٍ يذوبُ في بحرِ الدهور،
يسألُ في عُمقهِ عن غاياتٍ بعيدة،
تجاوبها الكواكبُ في مدارِ السَّرور.
يا بديعَ السماواتِ والأرضِ والنجوم،
أنت الذي زرعتَ في الكونِ العلوم،
بحكمتِك تُدبّر أمرًا فوق كلِّ عقل،
وتُظهرُ الأسرارَ في طيفٍ محظوم.
يا مَن رفعَ السُّحبَ وجعلَها كالغمام،
وأرسى على الأرض جبالًا كالأعلام،
وفي كلِّ لحظةٍ يجري قدرٌ مكتوب،
تتوالى فيه عجائبُ الربِّ في وئام.
فمن ذا الذي يُدرك سِرَّ خلودِ الحياة؟
ومن ذا الذي يُحيطُ بقدرةٍ بلا نهايات؟
كلُّ شيءٍ في هذا الكونِ يُسبِّحُ لله،
بأسماءٍ أبديةٍ تُقرأ في سجلات السماوات.
كلُّ خلقٍ في الكونِ له سرٌّ مكنون،
وفيه من الإبداعِ ما تذهلُ العيون.
يا أيها الإنسان، تدبَّرْ في عظمةِ الكون،
تجدْ فيها حكمةً تعلو على كلِّ الظنون.
المزيد من الأخبار
قصيدة لحظات الفراق ٤
إلى أمي
لحظات الفراق