كتبت الشيماء أحمد عبد اللاه
في بلدة صغيرة تُدعى “الأفق”، كانت السماء تحظى بمكانة خاصة في قلوب سكانها.
كان الناس يتجمعون في المساء على التل المرتفع ليشاهدوا غروب الشمس الذي كان يُعتبر عرضًا طبيعيًا رائعًا.
في كل يوم، كانت الألوان تتغير وتتداخل، من الأرجواني إلى الذهبي، تاركة خلفها سماءً مزينة بالنجوم.
كان هناك شاب يدعى علي، كان يحلم دائمًا بأن يصبح فلكيًا.
منذ طفولته، كان يقضي ساعات طويلة في النظر إلى السماء، يتتبع النجوم والكواكب، ويكتب في دفتره ملاحظات عن كل ما يراه.
كان يعتقد أن كل نجم يحمل قصة، وكل كوكب له سر.
في أحد الأيام، قرر علي أن يقوم برحلة إلى الجبال البعيدة لرؤية السماء بشكل أوضح.
حمل معه تلسكوبه، وزاده من الكتب التي تتحدث عن علم الفلك.
وعندما وصل إلى قمة الجبل، كان المنظر مدهشًا.
السماء كانت صافية، والنجوم تتلألأ كأنها جواهر متناثرة في الفضاء الواسع.
جلس علي وبدأ بمراقبة السماء. لاحظ كوكباً ساطعًا في الأفق، فبدأ يرسمه في دفتره.
وبينما هو غارق في أفكاره، شعر بنسيم لطيف يمر من حوله، وكأن السماء تدعوه للتفكير في جمالها.
تذكر قصة قديمة كان جده يرويها عن “نجمة الأمل” التي تظهر في الليالي المظلمة، وتمنح الأمنيات لمن يراها.
في تلك اللحظة، قرر علي أن يكتب رسالة إلى النجوم.
قام بتدوين أمانيه وأحلامه، وطلب من النجوم أن تمنحه القوة لتحقيق أحلامه.
وفي تلك اللحظة، شعر بشيء غريب، وكأن النجوم ترد عليه، وكأنها تعطيه الضوء الذي يحتاجه لمتابعة حلمه.
بعد عدة أيام، قرر علي العودة إلى بلدة “الأفق”، لكن هذه المرة كان يحمل في قلبه شعورًا جديدًا.
بدأ بمشاركة معرفته مع الأطفال في بلدته، وكان يُعقد جلسات ليلية لمراقبة السماء.
أصبح الجميع يحبون تلك اللحظات التي تجمعهم تحت سماء مرصعة بالنجوم، يتحدثون عن الأساطير والقصص، ويستمعون إلى أحلام بعضهم البعض.
ومع مرور الوقت، أصبحت بلدة “الأفق” معروفة بجمال سمائها، وتحولت إلى وجهة لمحبّي الفلك.
بدأ السياح يتوافدون لرؤية الغروب ونجوم الليل، وكانت تلك السماء تتحدث بلغة الجمال والسحر.
ومع كل غروب، كان علي يشعر بأن السماء تحكي له قصصًا جديدة، وأن النجوم لا تزال تمنحه الأمل والعزيمة.
أدرك أن الجمال لا يكمن فقط في المناظر الخلابة، بل في اللحظات التي يشاركها الناس معًا.
واستمر علي في دراسة الفلك، وفي كل ليلة، كان يقف تحت السماء الواسعة، يتأمل جمالها، متذكراً أن كل نجم يحمل أمنية، وكل كوكب يحمل قصة.
ومع مرور السنوات، أصبح علي فلكياً مشهورًا؛ لكنه لم ينسَ أبداً تلك اللحظات البسيطة التي جمعته مع أهل بلده تحت سماء “الأفق”.
وبذلك كانت السماء بالنسبة له أكثر من مجرد منظر؛ كانت رمزًا للأمل، والحلم، والجمال، وكل ما يجعل الحياة تستحق العيش.
المزيد من الأخبار
صرخات أصحاب الأخدود تعود في خيام النازحين
حكاية ارض
حكاية ارض