15 أكتوبر، 2024

النداء

Img 20240919 Wa0186

 

د.محمود لطفي

يُقسم أبي أن جدتي قد توفيت قبل ميلادي بعامين ويؤكد جميع أفراد العائلة صحة كلامه ولكن كيف لي أن أُصدقهم وأنا أُجالسها بغرفتي الحالية وغرفتها السابقة يومياً بالساعات بعد أن يهدأ صخب منزلنا وتخفت فيه الأصوات والأضواء ؟

الأمر الذي يدعو للدهشة أن كل مهاراتي الخارقة كما يقولون عليها وتنبؤاتي كنت أستمدها منها ومن أحاديثنا المُتبادلة التي تصل أحياناً لساعات دون انقطاع .

إتهمني الجميع بالجنون .

عرضني أبي على أكثر من طبيب نفسي وأطباء أمراض عصبية وأكدوا جميعاً على صحتي العقلية والنفسية وصل الأمر بأبي بعرضي على المشايخ والقساوسة فلقد أصبحت أنا شغله الشاغل رغم تفوقي الدراسي وعدم إثارتي لأية مشاكل من نوع المشاكل المتعارف عليها فيسن المراهقة مثل باقي أقراني ممن هم في مثل تلك السن الحرجة .

بعد فترة على هذا الحال قرر أبي قراراً هاماً ومصيرياً لقطع الشك باليقين فقد طلب من التُربي نقل جثمان جدتي لمقبرة حديثة إشتراها لها خصيصا. رغم إعتراض حارس المقبرة إلا أن الإغراء المادي كان له أثر السحر فرضخ الحارس لرغبة أبي وهنا كانت المفاجأة فلم يجد التربي أدنى أثر لجثة جدتي.

جُن جنون أبي وإستشاط غضباً وعاد الى البيت كالثور الهائج وظل ينادي بإسمي ويبحث عني في كل ركن من أركان البيت دون جدوى حتى بدا له كأنني تبخرت كالماء الباردعلى الأسطح الساخنة .

بينما هو يبحث عني كنت أنا بصحبة جدتي في مكان بارد ورطب ومظلم ورغم ذلك أرى نفسي ملفوفا بقماش أبيض وقد تلاشت من حولي كل وسائل الإتصال وكل سبل الحياة إلا أن وجود جدتي معي جعلني أشعر براحة غير مسبوقة وأمان لم أشعُر به حتى في كنف أبي وأمي.

وعدت جدتي حينها أنني سوف أقوم بدورها وأصطحب باقي أُسرتي قريباً ..لكن ترى هل سيتجاوبون ويلبون النداء.

عن المؤلف