كتبت ملاك عاطف
كانَ دائمًا ثقيلًا على العَقلِ، ومُتَعالِيًا على الاستيعاب.
وكانَ شائِبةًمُّتَسِقةً معَ باقةِ حِصَصِنا المَدْرَسِّية.
وكانَ شَوْكةً تَقِفُ طولِّيًا في حُلقومِ الوَقْتِ، تُجْبِرُهُ على تَباطُؤٍ شديدٍ يتحَّوَلُ تدريجِّيًا إلى توَّقُف!
أجل، لطالَما كانَتِ الأرقامُ والمُعادَلاتُ تُثني عَقارِبَ الّساعةِ عَنِ الّدَوَرانِ؛ لِتَبدوَ الحِّصةُ لنا مُؤّبدة، نتخَّشَبُ فيها على المَقاعِدِ بأفكارِنا المُتَجَّلِدةِ وعُيونِنا المفتوحةِ على اّتِساعِ حدقاتِها؛ مِن تَعَّقُدِ المسائل.
لم نتَصَّوَرْ يومًا أّنَ كومةَ الهَّمِ الّطُفولِّيِ تلكَ قد تخرُجُ مِن بين دَّفَتَي كِتابِنا المَدرَسِّي، فتُشارِكُ في الحَرْب، بل وتَنْتَصِبُ على قِّمةِ قواعِدِها ومُجْرَياتِها!
مهلًا، سأُزيحُ عن فَهْمِكَ غِشاوةَ الغُموضِ والاستِغرابِ مِن علامةِ الّتَعَّجُب:
في غَّزة، صارَتِ الأرواحُ أرقامًا!
في غَّزة، صارَ رُفاتُ الّشُهَداءِ وفُتاتُ الأشلاءِ يوزَنُ ويُعََّد، (يدفِنونَ كيلوهات لحم)!
في غَّزة، شَّكَلوا مُعادَلةً حِسابِّيةً ناتِجُها 15 مجزرة صبرا وشاتيلا، فقَسَموا عددَ ضحايا طوفانِ الأقصى على عددِ ضحايا مذبحةِ لبنان * 3500* وكانَ الّناتِجُ 15 مجزرة.
بعدها، انبَثَقَتِ الحَسرةُ مِن بَيْنِ الأرقام، وَتُرِكَ دمُ أمَلِنا المَجْروحِ بسِّكينِ الخُذلانِ يَسيلُ علَيْها بمنظَرٍ يُبْكي الحجر! وظل العالم غارقًا في تفرجه مدمنًا على الاعتياد!
المزيد من الأخبار
محرقة
نار بلا وقود
الحب والتضحية