كتبت:الشاعرة الإعلامية سبأ الحوري.
في لحظة هدوءٍ عابرة، تندمج أفكاري مع سكون الليل، وأجدني أغوص في أعماق ذاتي، بين زحمة الأفكار وتلاطم الأمواج الهادئة في بحر الوجدان. هناك، حيث تلتقي الروح بالحلم، أكتشف أن الإنسان ليس مجرد كيان عابر في هذا الكون، بل هو قصيدة خالدة تُنسَج من مشاعر متقلبة وأفكار لا تهدأ.
أحيانًا، تجد نفسك ضائعًا بين سطور الحياة، تبحث عن معنى، تتلمس دربك بين ظلال الأيام وتفاصيل اللحظات. ولكن في كل تلك الفوضى، يكمن الجمال؛ جمال السعي والبحث، جمال الوقوف على حافة الأحلام والمضيّ قُدُمًا دون خوف من السقوط. لأن السقوط بحد ذاته خطوة نحو الارتفاع، وحينما تتعلم من أخطائك تصبح سماءك أكثر صفاءً، وأجنحتك أكثر اتساعًا.
ما أجمل أن تكون حراً في أفكارك، لا تخشى قيود العالم ولا تنتظر تصفيق الجماهير. الحُرية الحقيقية لا تأتي من الخارج، بل من أعماقك، من قدرتك على خلق معنى وسط العدم، من رؤيتك للجمال في كل شيء، حتى في الألم. فلا معنى للنجاح دون طعم المرارة، ولا وجود للفرح إن لم نختبر الحزن. كن ذلك الذي يحول جروح الأيام إلى ورود، ويكتب على جدران الزمن حكايته بمداد الأمل والإصرار.
يا ليلُ.. ما بين النجومِ أغوصُ
وأكتُبُ الحُبَّ الذي لا ينامُ
أهيمُ في طرقاتِ القلبِ خُطايَ
وتسألُني الروحُ: إلى أينَ المرامُ؟
أقولُ: يا قلبُ، لا تَخَفْ من المدى
فالعشقُ بحرٌ لا تنتهي أمواجُهُ
كلُّ خطوةٍ هي خطوةٌ نحو الأفقِ
وكلُّ جرحٍ هو دربٌ لفجرٍ جديدِ.
فالماضي ليس إلا صفحةً طُويتْ
والمستقبلُ ليس إلا لحظةً تأتي
أما الحاضرُ، فهو كلُّ ما لدينا
فلنزرعْ فيهِ أجنحةً للريحِ
ولنرسمْ في الأفقِ شمسًا من نور.
وفي الصمتِ، أُنشِدُ أغنيةَ الحياةِ
ليسَ بالكلماتِ، بل بِنَبضِ القلبِ
وأُعانِقُ الليلَ كما لو كانَ أخًا
وأقولُ: “أنتَ صديقُ الحالمينْ.”
في تلكَ اللحظاتِ العميقةِ، نكتشفُ
أنَّ الحياةَ ليستْ سوى حكايةٍ
نَكتُبُها نحنُ بأيدينا، فإمّا نُبدِعُ
أو نتركُها للرياحِ تَعبَثُ بالصفحاتِ.
وفي النهاية، تبقى الحياة رحلة لا تنتهي إلا بنهاية الحكاية التي نكتبها نحن.
نحن من نختار ألوان الفصول، ونرسم تفاصيل الأيام بخطواتنا وأحلامنا. قد تتعثر بنا الدروب أحيانًا، وقد تثقلنا الأعباء، لكن ما يهم هو أن نستمر في السير، أن نجعل من كل لحظة درسًا ومن كل تجربة نبراسًا ينير لنا الطريق.
حين ننظر إلى الخلف، لا نرى سوى انعكاس لخطواتنا على مرآة الزمن، وحين ننظر إلى الأمام، نرى الأمل يتراقص على أفق الأيام القادمة. فالحياة ليست سوى لوحة، ونحن الفنانون. اختر ألوانك بحكمة، وانثر فيها من روحك، فالنهاية ليست إلا بداية أخرى، ومهما كانت النهاية، فالعبرة في الرحلة، وفي الأثر الذي نتركه خلفنا.
فلتكن نهايتنا مليئة بالسلام، مفعمة بالحب، ومزينة بذكريات خالدة لا تنطفئ مهما مرت السنون.
المزيد من الأخبار
لست مزيفًا
ثُمَّ ماذا بعد؟!
لما خائفه من الموت