5 أكتوبر، 2024

ولكن قلبي يؤلمني!

Img 20240917 Wa0017

 

 

بقلم: خولة الأسدي 

 

ثمانية أيامٌ على رحيلك لم تمضِ بعد، ولا هدأت براكين الوجع في داخلي، التي تثور كل يومٍ أشدُّ من سابقه، وأنا أراقبُها بإنهاك من لا حول له، وأقضي ساعاتي ما بين البكاء والنوم الأشبه بالإغماء المرضي، إلا وأفاجأ بمثيرٍ خارجيٍ، يستفزُ مشاعري وذكرياتي، كأن ما بي لا يكفي!

 

وهكذا، ولسوء حظي، وإمعانًا في إتعاس قلبي، قُدِّرَ أن يحدث جوارنا مباشرةً زفافٌ ما، ومن العجائب حقًا، أن تكون كل أغاني هذا الزفاف، هي ذاتها التي كانت في الزفاف الذي جمعنا لأول مرةٍ، بنظر قلبي؛ فالمرة الأولى حقًا.. لا تُحتسب لعدة أسباب.

 

ووجدتُ نفسي أعيش الذكريات كأنها حقيقة، ولكن مؤلمة!

 

أسمع الأغاني، وأكادُ أصدق أني إذا التفت ناحية الباب، سأجدك واقفًا تنظر إلينا، لأصرخ فيك بالذهاب وبقية شلتك الصغيرة حينًا، وأسألك ماذا تحتاج حينًا آخر، أو أقوم بجمعكم بعيدًا عن النساء، لنلعب “الخيط الأحمر نلعب به…”، أو لعبتك المفضلة “حجرة، ورقة، …”، أو أعدكم ببعض الحكايات المشوقة إذا ذهبتم لإنتظاري في حجرات النوم.

وأشعرُ بالأسف حد القهر، كلما تذكرتُ كيف كنت أزجرك عند محاولتك تكرار اللعب رغم الخسارة. كنتُ آمرك بالتزام الدور، ولو كنتُ أعلم ما سيحدث، لما لعبتُ مع سواك، ولغفرتُ لك كل سخرياتك، وواصلتُ حكاياتي لك، ولما طلبتُ منك الذهاب وتركي مع مزاجي الكئيب اللعين في كل مرةٍ اقتحمت خلواتي البغيضة.

وماذا أيضًا؟

كنت سآخذك في تلك النزهة التي وعدتك بها، وحال بيني وتنفيذها المرض والكسل، وكنت سألتقط لنا معًا بعض الصور للذكرى، لأشاهدهن الآن وأعذب نفسي التي تتوق لهذا النوع من العذاب المازوخي!!

 

وربما كنت أصررتُ على والدتك التي رفضت طلبي بأخذك، وأخذتك حينها ليكون لي معك ذكرياتٌ تُخفف عن قلبي هذا الجوع الموجع الذي لم يشبع منك قبل أن تذهب.

والأهم من كل ذلك، لم أكن لأهتم بنزار أكثر منك. كنت سأمنحك الجزء الأكبر من الاهتمام والحب، غير تاركةٍ لكبريائك عذرًا ليرفض مشاعري.

ولكني لم أكن أعلم، وهذا وإن كان عذرًا كافٍ، إلا أنه لا يُخفف عني شيئًا، حتى مع إدراكي بأنك أصبحت في جنان الرحمن، تحظى بما لم أكن لأستطيع منحك إياه، لا أنا ولا سواي من البشر، ولكن قلبي يؤلمني رغم ذلك؛ لأني لم أستطع أن أقنعك أني أحبك حقًا، وظننتَ دومًا أنك لا تعني لي الكثير، فكنت أقول لنفسي: سيفهم مع الأيام.

ولم أعلم بأن الأيام لم تكن تنوي منحك الفرصة الكافية لتفعل!

عن المؤلف