15 أكتوبر، 2024

حوار خاص مع أبو سُفيان محمد يوسف الكردفاني ورحلة إبداعية ملهمة في صفحات مجلة إيفرست

Img 20240916 Wa0440

حوار: الإعلامية سبأ الحوري 

 

 

في هذا العدد الخاص من مجلة إيفرست، نستضيف الكاتب السوداني المتألق [أبو سُفيان محمد يوسف الكردفاني]، الذي خط بأنامله إبداعات أدبية تحمل عمق التجربة السودانية بروح عالمية. من أرض النيلين، انطلقت كلماته لترسم ملامح فريدة تمزج بين الأصالة والتجديد، معبرة عن شغف الكتابة وقوة الكلمة. في هذا الحوار الحصري، يأخذنا الكاتب في رحلة ملهمة عبر محطات حياته الأدبية، متحدثًا عن التحديات والإنجازات التي صنعت منه واحدًا من أبرز الأصوات الأدبية في الساحة. كما يشاركنا رؤيته المستقبلية ورسالته للأجيال القادمة من الكُتّاب.

/ بدايةً، نود أن نتعرف على بداياتك الأدبية. كيف كانت الخطوات الأولى في رحلتك مع الكتابة؟ ومن كان الداعم الأكبر في مسيرتك؟

البداية دوماً هي التي ترسم طريق النجاح ، حيث كانت بداياتي الأدبية منذ الطفولة من خلال مرحلة التعليم الابتدائي وتفوقي في اللغة العربية وخاصة (التعبير) حيث وجدت التشجيع من والدي وأساتذتي لأنهل بعدها من مكتبة صغيرة وفرها لي والدي فكانت أجمل هدية لي وأنا صغير مجموعة قصصية للأطفال.

رحلة الكتابة هي رحلة شاقة ومتعبة لابد فيها من الصبر، وأنا أعتقد أن بدايتي الفعلية للكتابة من خلال الفترة الجامعية والمشاركة في المنتديات الثقافية والجمعيات الأدبية ومن ثم التفكير في نشر منتوجي الأدبي، كان الداعم الأكبر لي في مسيرتي والدي العزيز ومن بعده أستاذي خالد فضل المولي، وصديقي العزيز ابوبكر عمر عباس.

/في أي مرحلة من عمرك شعرت بأن لديك شغفًا حقيقيًا بالكتابة؟ وهل كان هناك موقف محدد دفعك نحو هذا الطريق؟

في الفترة الجامعية خلال هذه المرحلة أدركت أن الكتابة هي شغفي وأنني أتنفس الكلمات وأعيش بين سطورها ، وهي نافذتي التي سوف أطل منها للعالم ، كنت ومازلت أحب الكتابة كما أحب الحياة ، نعم المواقف كثيرة التي دفعتني للكتابة حيث وجدت الكتابة هي الصورة الأمثل لإيصال صوت الناس وطرح مشاكلهم وهمومهم.

Img 20240916 Wa0439

/ البعض يرى أن الكتابة ليست مجرد كلمات تُسطر على الورق، بل هي تجسيد لتجارب حياتية. كيف أثرت تجارب حياتك الشخصية في نصوصك؟ وهل هناك مواقف معينة كانت ملهمة لك بشكل خاص؟

نعم بالفعل التجارب الحياتية والمواقف الشخصية لها تأثير كبير على الكاتب وتترك له انطباع وشعور لا يزول إلا من خلال الكتابة ، فالكلمات قادرة على تغيير المجتمع والعالم على حد سواء، تجاربي الشخصية لا أميل كثيراً لعرضها على نصوصي ولكني أتغمض الشخصيات التي أقابلها ويحصل لي موقف ما معها فأحاول أن أكتب عن هذا الشعور والموقف الذي حصل وكأنه حصل معي تماماً.

وبالتأكيد هناك مواقف تكون ملهمة لك وتجعلك تسير في الطريق الصحيح فمثلاً عند بداية مشواري الأدبي وجدت عدة انتقادات ومن أقرب الناس لي من حسبتهم أصدقائي حيث كانوا يقولون لي بأنني فاشل ولا يمكن أن أصبح كاتب يوماً ما فالحمد لله هناك من الانتقادات السلبية والنقد ما يجعلك صاحب عزيمة لتصل لحلمك.

/العمر غالبًا ما يحمل في طياته الكثير من الحكمة، هل تعتقد أن نضوجك الأدبي ارتبط بتقدمك في العمر؟ وما هو العمر الذي شعرت فيه أنك بدأت تفهم فعلاً عمق الكتابة؟

فعلاً دوماً ما تأتي الحكمة مع التعقل وتقدم العمر، فكلما زاد عمرك زادت خبرتك في الحياة وزادت تجاربك مما يشكل وعيك أكثر فأكثر، ولكني لم أصل بعد لحقيقة نضجي الأدبي الذي يجعلني أحكم على نفسي بأنني وصلت لما أصبو له، والتعمق في الكتابة لا يرتبط بزمن محدد فكلما زاد إطلاعك كلما أزداد وعيك يوماً بعد يوم وتفتحت لديك عوامل لم تكن تراها أو تحسها من قبل.

/ خلال مسيرتك، لا بد أنك واجهت تحديات وصعوبات. ما هي أبرز تلك التحديات؟ وكيف تمكنت من التغلب عليها؟

أبرز التحديات والصعوبات التي واجهتها هي القراءة في حد ذاتها حيث لم تتوفر مكتبة عامة بمدينتي في فترة صباي وحتى الوقت القريب، ومع ارتفاع أسعار الكتب وندرتها كل ذلك جعل من المستحيل أن تصل لمبتغاك، ثم بعد ذلك مسألة نشر الأعمال الأدبية والتكلفة العالية لذلك، وبحمد الله وبفضل الأصدقاء تغلب على ذلك من خلال الكتب التي كنت أستعيرها منهم ، ومن خلال الدعم الذي قدم لي من أصدقائي لأنشر أعمالي الأدبية وأشارك في المسابقات والمنتديات الثقافية.

 

/ نعلم أن مسيرتك الأدبية مليئة بالإنجازات، هل يمكنك أن تحدثنا عن أبرز الإنجازات التي تفتخر بها في هذا المجال؟

بحمد الله كللت مساعي في المجالات الأدبية والثقافية بشر مجموعتي القصصية (توجس والتباس) ضمن معرض القاهرة الدولي للكتاب للعام السابق عن دار نبض القمة والتحية عبركم لمديرها الرجل الخلوق الهمام الذي وقف معي ورحب بي وذلل كل العقبات التي واجهتني الأستاذ / وليد عاطف، وكذلك فازت قصتي التي سميت عليها المجموعة (توجس والتباس) بالمركز الثالث في مسابقة مركز الفأل الثقافي بالسودان، وكذلك تقلدت منصب الأمين العام لإتحاد الأدباء والكتاب السودانيين – فرعية القضارف للعام 2017 – 2019م وتم تجميد الإتحاد للمشاكل التي حدثت في السودان كحال جميع النقابات الأخرى، والأن أتقلد منصب الأمين العام لنادي القصة – بولاية القضارف وهو هيئة شبابية تعني بالاهتمام بالمبدعين والموهوبين في مجال القصة بولاية القضارف، وكذلك عضو نشط في عدد من المنتديات الثقافية والإعلامية بالسودان والوطن العربي، وكذلك مدير التحرير لصحيفة القضارف الآن الإلكترونية ، وكاتب مقال بصحيفة النيل الدولية الإلكترونية.

 

/هل تلقيت شهادات أو جوائز تقديرية على أعمالك الأدبية؟ وكيف كان شعورك عند الحصول على هذه الجوائز؟

نعم تلقيت عدداً من الشهادات التقديرية والجوائز التشجيعية على أعمالي الأدبية كما ذكرت حيث فزت في مسابقة د. عصام محمود للقصة القصيرة 2023م بقصتي( قصر برمنجهام) وكنت ضمن مجموعة من الكتاب نشرت قصصهم في كتيب عن الفنتازيا والخيال العملي، وكذلك حصولي على المركز الذهبي في مسابقة الارتجال لقسم الخواطر من مجلة إيفرست ، وحينما تنال جائزة عن عمل أدبي فذلك يعني أنك تسير على الطريق الصحيح وأنك سوف تترك بصمة واضحة في الأدب.

Img 20240913 Wa0487

/كيف تقيم تأثير التكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية على عالم الأدب اليوم؟ وهل ترى أن هذه الوسائل قد غيرت من طريقة تلقي القراء للأدب؟

التكنولوجيا كما كان لها تأثير كبير٤ على مختلف نواحي الحياة الإنسانية فهي أيضاً لها تأثير على عالم الأدب والكتابة فقد أضافت له وخصمت منه ، وبالانفتاح التكنولوجي والثورة المعلوماتية أصبح الفضاء متاحاً للنشر ولتلقي كم هائل من الأعمال الأدبية التي كانت فيما مضي في دهاليز النسيان لعدم القدرة على نشرها، وأيضاً قد ساعدت في تغيير فكر المتلقي للأدب فأصبح الشباب مقبلاً على القراءة ومتابعة المسابقات ومعارض الكتب ومتابعة الكتاب كذلك.

 

/كيف أثرت الثقافة السودانية في كتاباتك؟ وهل تجد أن هناك عناصر معينة من التراث أو المجتمع التي تلهمك بشكل خاص؟

الثقافة السودانية هذا النبع الدافق من التراث والتقاليد والعادات واللهجات والتجانس والترابط والتقارب في الثقافات، وكأنك تتحدث عن سماء مرصعة بالنجوم كلما نظرت لأحدها وجدت الأخر أفضل منه، المجتمع السوداني فيه (الحبوبة) أو الجدة هي المنبع الخصب للسرد فمنذ نعمومة أظافرك تكون قريحتك قد طافت بها أنواع شتي من القصص والحكايات التي تمثل المجتمع بجميع قبائله المختلفة وثقافته ولهجاته.

الطبيعة في السودان هي السر الأول للكتابة ، والحكايات القديمة والأساطير ومن ثم الفلكلور السوداني الجميل.

 

/هل تشارك في أي أنشطة أدبية خارج نطاق الكتابة، مثل ورش العمل أو الفعاليات الثقافية؟ وكيف تعزز هذه الأنشطة من تجربتك ككاتب؟

نعم بالتأكيد فمع الكتابة يحتاج المبدع لأن يصل منتوجه للجمهور ويكتسب من المجتمع ويتلقي منه الحكايات والقصص ويعيش واقعه ويكون ذلك من خلال الأنشطة والفعاليات الثقافية وكما ذكرت أنفاً لدي ميول نحو الأعلام خاصة الصحافة التي تلقيت فيها دورات عن صحافة الموبايل وكتابة التقرير التلفزيوني، وفن كتابة المقال الصحفي، وكذلك لدينا منتدى أسبوعي راتب يناقش في كل جلسة موضوعاً جديداً بالإضافة للمنتديات الثقافية والورش التي يقيمها نادي القصة، هذه التجارب تعزز من القدرة للكتابة وخلق بيئة خصبة لها

 

/بما أنك تعمل ضمن مجلة “إيفرست”، وخاصة في قسم الخواطر، كيف تصف تجربتك في هذه المجلة؟ وما الذي يميزها عن غيرها من المنصات الأدبية؟

مجلة إيفرست هي أكثر من مجرد مجلة كتابية ونافذة للنشر فقط بل هي مجتمع من الأدباء الناضجين والمميزين ، ترى من خلالها العالم بألوان زاهية وتستمع للموسيقى من خلال النصوص التي تكتب، الذي يميزها الأقلام الشبابية والكتاب المتميزين الذين تحس مع نصوصهم بأنك تحتاج أن تبذل مجهوداً أكثر لتصل لمكانتهم وأسلوبهم الأدبي الشيق وكذلك المشرفين الرائعين ابتدأ من الأستاذ وليد عاطف والأستاذة سارة الببلاوي.

 

/إذا كان لديك الفرصة للعمل على مشروع أدبي جديد مع كاتب آخر، من سيكون هذا الكاتب ولماذا؟ وما هو المشروع الذي تحب أن تراه يتحقق؟

الكتاب الذين أتمني أن أعمل معهم سوياً كثر، ولكن صديقي مصطفي خالد أقربهم لي، لتمييزه الأدبي ولغته الرصينة الراقية وأسلوبه السردي الممتع ، فمنذ أول مقابلة بيننا أحسست بأنه صاحب تفرد وتميز، وأحب أن أضع بصمتي الأدبية وأن تنشر أعمالي وتترجم للغات الأخرى.

 

/ ما رأيك في التأثير الذي تتركه مجلة “إيفرست” على القراء؟ وهل ترى أن المجلة تلعب دورًا في دفع الجيل الشاب نحو الاهتمام بالكتابة الأدبية؟

مجلة إيفرست مثل الغيث أينما نزل نفع، بالتأكيد لها تأثير كبير على القراء والشباب والدليل رغبت الكثير منهم في الانضمام للمجلة والكتابة فيها، وحينما أجد وقت فراغ لدي أتصفح ما نشر على المجلة من نصوص وتكون لي زاداً لكتابة نص أخر أو توالد فكرة أدبية جديدة.

 

/ هل لديك أعمال أدبية مطبوعة أو منشورة؟ وإن كانت موجودة، كيف كانت التجربة؟ وإذا لم تكن، هل هناك خطط مستقبلية لتقديم أعمالك في شكل مطبوع؟

نعم نشرت لي مجموعة قصصية عبر دار نبض القمة كما ذكرت سابقاً، هي توجس والتباس وشاركت بها في معرض القاهرة السابق وعدد من المعارض الأخرى، وهنالك مجموعة قصصية أخري بعنوان( هاديس مدينة الموتى) في طريقها للطبع، وروايتين لم تكتملا بعد.

/الجوائز والشهادات تعتبر علامة على التميز، ولكن هل تعتقد أنها تعكس بالكامل ما بذلته من جهد وتفاني في الكتابة؟ أم أن هناك إنجازات شخصية تعتبرها أهم؟

الجوائز والشهادات لا يعول عليها كثيراً مع الرغم من أنها تعطيك دافعاً وحافزاً للكتابة ، ولكنها لا تعكس ما تبذله من جهد وعناء في الكتابة ، بالنسبة لي العمل الأدبي والانتهاء من كتابته بالصورة التي ترضيك في حد ذاته جائزة تستحق أن تحتفي بها.

 

/كيف توازن بين حياتك الشخصية والمهنية ككاتب؟ وهل تجد أن هذا التوازن يؤثر على إنتاجيتك أو إبداعك؟

في وطن مثل السودان لا يجد فيه الكتاب متسعاً من الوقت للكتابة والعمل في آن واحد ، حتماً يكون التوازن والموائمة بينهما فعلاً جد صعب، ويكون تأثير الحياة المهنية كبيراً على الإنتاج الإبداعي والأدبي خاصة اذا كانت مهنتك تتطلب أن تعمل ساعات كثيرة مثل وظيفة المعلم التي أعمل بها .

 

/ العديد من الكُتّاب يحلمون بترك بصمة في عالم الأدب، ما هو حلمك الشخصي ككاتب؟ وكيف تسعى لتحقيقه؟

كما ذكرت حلم كل كاتب أن يري إبداعه بين أيدي القراء يستمتعون به ويذكرونه بشيء من الإعجاب والفخر، وأن تترجم تلك الأعمال وتصل لأكبر عدد من القراء.

 

/ إذا تخيلت نفسك بعد خمس أو عشر سنوات من الآن، أين ترى نفسك؟ وكيف ترى تطورك الأدبي؟

في ظل هذه الظروف والمتغيرات الكبيرة في البلاد ، لا أظن أن هذه السنوات كفيلة بتحقيق حلم أو تطور كبير إلا أذا قدر لك الهجرة والمغادرة إلى بلد تحترم الثقافة والكتاب وتعطيهم المكانة التي يستحقونها.

 

/ ما هي الرسالة التي تود توجيهها للشباب الطموحين الذين يرغبون في دخول عالم الكتابة؟ وهل تعتقد أن الكتابة يمكن أن تكون مهنة مستدامة في عالم اليوم؟

رسالتي لهم أن عليهم بالقراءة وليس سواها فهي السبيل لتحقيق كل ما تصبو له،نعم من الممكن أن تغدو الكتابة مهنة مستدامة في عالم اليوم بعد التطور التكنولوجي الكبير وتحول الناس للعالم الرقمي فكتابة المحتوي الآن أصبحت رائجة وتدر دخلاً كبيراً.

 

/ختامًا، إذا طُلب منك أن تقدم نصيحة للجيل القادم من الكُتّاب، ما هي تلك النصيحة؟ وكيف يمكنهم تجاوز التحديات التي قد تواجههم في هذا المجال؟

أسعي دوماً وأجتهد لكي تصبح الشخص الذي تريد كن نفسك ولا تحاول تقليد الآخرين ، وأعلم أن الطريق طويل وشاق فكن مستعداً لتحدي الصعاب من خلال شغفك فهو وقودك نحو النجاح والكلمات هي سلاحك

عن المؤلف