كتبت ملاك عاطف النتشة
إلى القمر القابعِ في سما بلدي!
أّيُها القَمَرُ الوَحيد، صحيحٌ أّني لم أُجاهِد ولم أُجهِد عينَّيَ مُنذُ زمنٍ بعيدٍ في تَتَّبُعِ نورِكَ الخافِتِ إّلا أّني لن أكُّفَ عن مُراسَلَتِكَ واستِذكارِ سيرَتِكَ الجَمالِّيةِ ذاتِ الّطابَعِ الّساحر، عزيزي القمر، يا لِّصَ الّرسائل، لقد أمرتُكَ أن تُعيدَ رسائلي معَ الّسُنونو إلى سارة، كانت فرحانةً بجيرَتِكَ، فكُنتَ خّداعاً، ماذا فعلتَ بأحرُفي؟ بِكتاباتي؟ بمشاعِرِنا الّطُفولِّيةِ الحُلوةِ الغَّضةِ الّنَبيلة؟ أفَّجَرْتَها بِقَنابِلِ الحَسَدِ أمِ احتَكَرتَها أّيُها الحَبيبُ المجنون؟
يا أّيُها القَمَر، يا سابِحاً في فُلكِ الّسَرِقات، جَريمتُكَ هذهِ بيضاءُ، بل إّنَها مزحةٌ لا تُذكَرُ في مهرَجانِ الجَرائِمِ الّطاحِنِ عندنا، ألن تعودَ إِلى فَلَكك؟ ألن تُعيدَ رسائلي إلَيْها؟ لأجلِ صورتِها معك، لأجلِ سهراتِكُما، وحُّبِها، وتأّمُلِها العَميقِ لميلادِكَ بشَغَف، يا أّيُها المُجرِمُ البريء، ظِلالُكَ الأُرجُوانِّيةُ المُلقاةُ على أرضِنا لم تعُدْ تُفْلِحُ في رَسْمِ الّسَلامِ، وخُطوطُها مَبتورةٌ مُعوّجةٌ تُشّتِتُها شظايا المُسَّيَرات، أّيُها الهادِئُ الّثائر، ألمْ تَقشَعِّرَ مِن انعِكاسِكَ المُقّزِزِ عَلى عَذابِنا الفائِرِ في قَلْبِ المَسلَخِ الّلَيْلِّي المحكومِ بشريعةِ الغاب؟
يا قَمَرَ علاءَ الّدين، اُدنُ وامنَحني فَركةً واحدةً أرجوك، ولنُنهِ هذهِ الّزَلْزَلَةَ، وَلْنُجَّفِفْ يَنابيعَ الحِمَم، أوِ ألقِ ريشَ حَمامي القاطِنِ في مَنازِلِكَ على رُؤوسِ بني وَطَني، لعَّلَ الوَداعةَ تَسودُ، لعَّلَنا ننجو، أوِ اقرُصنا بِسّبابةِ لُطفِكَ وبِوُسطى أمانِكَ لعَّلَنا نصحو، ويكونُ ما نحياهُ محضُ كابوسٍ بتفاصيلَ مَنسِّية، يا قمَرَ رسائِلِنا، لا تُشارِك في صَفقةِ بَيْعِنا أو مَوتِنا، ولا تعتادَ أرجوك، فهذا ليسَ روتيناً، بل إعدامٌ بطيءٌ يا قمر، نتضّوَرُ نَوْماً يا قَمَر، ونتأّلَمُ جوعاً يا قمر، ونَرجفُ مِن صُداعِ القُلوب يا قمر، يا قمر، أتسمعُني؟ لا تَنَم، يا قمر، أتفهَمُني؟ لا تخذُلنا، أرجوك لا تفعل!
المزيد من الأخبار
لست مزيفًا
ثُمَّ ماذا بعد؟!
لما خائفه من الموت