15 أكتوبر، 2024

لماذا؟!

Img 20240909 Wa0033

 

بقلم: خولة الأسدي 

 

 

كانت ملامحكَ تنطقُ بالإثم، والخوف من اكتشافه، لا الندمُ على فعله!

وكنتُ دقيقةُ الملاحظة كحالي دومًا، أُدرك أدق التفاصيل، ويستوعب إحساسي كلَّ أبعادها والملابسات، لكن شيءٌ في أعماقي يوقفُ التحقيقات، ويمنعُ المنطقَ من الاستماع لرسائل الوعي الشعوري، تحت ستار العديدُ من الذرائعِ، التي أدّعي تصديقها خوفًا من الوجع الذي ينتظرني إذا لم أفعل، فقط، وليس إيمانًا بها، وبمنطقيتها!

 

ولكن في محادثتنا الأخيرة، قلتُ شيئًا عابرًا، فهمتَ أنت منه معنىً آخر، ولك أن تصدقني أني لو كنت أعلم كيف ستفهم قولي، ما كنت لأتفوه به!

ولا أعلمُ لِمَ إستفزتني ملامح الإقرار بالإثم على وجهك، التي كنت تحاول مداراتها عبثًا، فجاريتُ غباءك، واستدرجتُك دون جهدٍ!

 

قلتَ: لطالما تساءلتُ: “هل تعلمُ شيئًا مما يُقال عنها؟ هل ثمة من يُخبرها بما يحدث من خلفها؟” وهأنتِ تكشفين عن معرفتك دون قصدٍ، لتجيبي على أسئلتي تلك.

 

لم أسألك ما كان الدافع لتلك التساؤلات إذا لم تكن الخشية من جرمٍ ارتكبته بحقي دون معرفتي، ولكني مثلّتُ البلادة وسألتك: وكيف أجبتُ؟ وبِمَ؟!

 

فنظرتَ لي مطولًا، كأنك تبحث عن احتقاري إياك في ملامحي، وقد حاولتُ أن أجعلك تلمسه نظريًا، ولا تجده قولًا وفعلًا!

خشيتُ أن تضعف وتعترف ولو بجزءٍ يسيرٍ مما فعلتَ؛ لأنه مهما بلغ حجم الألم مع جهل التفاصيل، فلا يمكن مقارنته بمقداره مع المعرفة، التي ولو حاولتَ تجميلها.. ستظلُ مؤلمة.

 

وهكذا طلبتُ أن أبقى وحيدة، ليس لأبكي صدمتي، فقد كانت مُتوقعة رغم تجاهلي الطويل لها، ولكن كي لا أعرف شيئًا أكثر، لن أُسرُّ به.

 

وقاومتُ وجعي، ولكن قلبي كان يضخُ ملايين اللماذا في كياني، بعلامة استفهامٍ كبيرةٍ، ذاتُ رأسٍ ضخمٍ، يطرقُ نفسه على جدران خلاياي بحزنٍ وهو يصرخ بأحرفها الخمسة: لماذا؟!

لتهرع على صوته علامة التعجب، وتقف خلفه باندهاشٍ من إنفعاله، لا هي بالتي واسته، ولا أعفته من وقوفها الغبي، ودهشتها البليدة!

 

وكان ذلك الألم الثنائي، ينتشرُ في كياني وجعًا، فيما أقاوم رغبتي في الصراخ: لماذا؟!

 

وبعد وقتٍ من محاولة إدعاء اللامبالاة، لم أشعر إلا بصدى صرخاته تُردده عيناي مطرًا، فلكأن صوته كان الرعود التي تسبقها!

 

لأبكي اللماذا الحارقة، التي لم أجدُّ لها يومًا جوابًا مقنعًا، ولا تمكنتُ رغم توقعي لأسوأ الأشياء فرارًا من براثنها الكاوية!

عن المؤلف