بقلم: هبة لعرج
________
أمُر على الرسائل الورقية التِي تبادلناها، أمزقهَا لقطع صغيرة، لم أنتبه لنفسي حتى وجدتني غارقة فجأة فِي دموعِي بينما اقرأ رسالتِي لكَ في عيد ميلادِي الرابعِ والعشرون..
“أحِبكَ يا هَاري،
أرسِل إليك رسالتِي الأولى في سنتِي الجديدة دون مقدماتٍ رسمية،
إنه منتصف مَاي أخيرًا، وقد أتممت عامِي الرابع بعد العشرين ،
أدرك أنني -برأي رجل ثلاثيني- لا زلت طفلة تحتاج للرعَاية،
لكنني لست كذلك بعدَ الآن، حتى و إن اعتقدتَ أنتَ ذلك!
لن أوافقك هذه المرة،
أتدري يا هَاري، اعتقدتُ أنني في عمرِي هذا،
سأكون معكَ تحت سقفٍ واحد، نتشارك الغرفة ذاتهَا،
والطعام ذاته، اعتقدتُ أن طِفلنا الأكبر سيكون متشبّثا بدِراعِي اليمنَى،
و أخته الصغرى إيمِي تعَانق ساقَك اليسرى فِي أجواء عائلية سعِيدة، أجِد نفسي الآن أكتب لك رسالتِي هذه، في عيد ميلادِي هذا،
بينمَا أراقب كلبي ألفريد يلعب مع كرة التنس الصغيرة والتي كانت هدية منك لي،
دعني أخبرك يا عزيزِي بأني لا أفكِر في سنواتِي التي تمضِي بقدر مَا أفكِر في عمر علاقتنَا الغريبة،
مرّت الآن ثمانية سنوات ونِصف على الرسالة الأولى التِي أرسلتها إلي، أذكر القليل من التفاصِيل حول ذلك اليوم، كنت أنَا مع جُمان ننتظِر أخاها أمامَ مدرستِه الابتدائِية، و كنتَ أنت تحمِل أختك باتِي على كتفيك، ولا أذكر المزيد من التفاصيل حول ذلك اليوم، ولا مِن أين خطرت لنَا فكرة الرسائل الورقية، لكنني أذكر وعدنا بأن نحافظ على رسائلنا مهما حدث بيننا، غريب كيف أحب شخصًا لثمان سنوات و ستّ أشهر دون أن أعرِف رقمَه حتى!
أحبك يا هَاري حتى و إن قلتُ العكس يومًا، كما تحبنِي أنتَ حتى وإن قلتَ العكس يومًا ..
المخلصة إليك، حبيبتك روزان”
أذكر كم خططتها لك بكل الحب الذي لدي، كيف كنت سعيدَة بينما أدخلها في الظرف، وكم ترددت حول تِلك البداية الغَريبة، أذكر كم كنت سعيدة بتذكر لقائنا الأول، اللقاء الذي لم نتحدث فيه أبدًا..
الآن، أنا هنا على حافة الذكريات، أقف بأسى، متأسفة على حالِي، وعلى قلبِي الذي يحبك، أنا الآن أقف على حافة الذكريات، أنتظر رسالتك الورقية الأخيرة قبل أن أقفِز مِن على الحافة، حافة الذكريات..
المزيد من الأخبار
في الحوش
إليك ياأبي
إما الأولوية أو العدم