كتبت الشيماء أحمد عبد اللاه
سقطت آخر أوراقك الخريفية من ربيع حياتي، لا رجوع لك ولا أمان قادم لرياحك الغادرة، لا شيء لك بعد الآن، ذكرياتي تؤرقني بشدة، تؤلم قلبي كثيرًا، كيف للماضي أن يحمل كل هذه السطوة على الحاضر، أخشى أن يدمر مستقبلي، الوحدة أشد فتكًا من المرض الخبيث، تلازمك وسط الزحام، ولا تظهر على ملامحك، وحينما يتركك الجميع تلازمك كأنها جزء منك…
أشعر بأنفاس الحزن تثقل كاهلي، وكأن كل شيء حولي يوحي بالتعب، أشعر أنني فقدت الطريق في هذا العالم البارد، في لحظة الوداع الأليمة، تبددت أحلامي كالغبار، تاركة وجعًا يعصف بروحي، ولا أعرف كيف أواجه الغد؟ نداء إلى الذين يكسرون قلوبنا، وينتزعون شيئًا من سلامه، ويزرعون فينا رعبًا لاينتهي، كيف تستطيع أفواهكم، أن تقول في صلاتها: السلامُ علينا وعلى عبادِ الله؟ وأي سلام تتحدثون عنه بعد…
لقد رحلت؛ لأنني فهمت، لست نادمة على شيء، ثم إن الذي يرحل، وقد أدرك واستوعب كل ما يحدث، لا يعود مرة أخرى أبدًا، ها أنا أتركك الآن، وأمضي كجيشٍ مهزوم، لم يعد لديه شيئًا يقاتل من أجله، وسأتخطاك كجندي، يتخطى جثث رفاقه، ويسارع ليكمل الحرب العبثية.
من الخيبة أن تكون يافعًا، عشرينيًا، وقلبك يحتاج عُكّازًا يتّكئُ عليه، وكأنه في الثمانين من عمره، مابالُ قلبي يهرمُ مُبكِّرًا، بعثرتني الأيام بعد أن كنتُ مُرتبًا، أربكتني المواقف بعد أن كنتُ واثقًا، اليوم لا أستطيع أن أجلس، دون أن أفقد شيئًا مني، كلّ الّذين يدّعون أنّ الوقت كفيلٌ بأن ننسى، لو أنني أعرف كلمة أعمق من كلمة انطفأت لقلتها، أنا لم أشعر من قبل بانطفاء روحي مثلما أشعر بها الآن، بات قلبي فارغًا؛ كأنني مدينة بلا نوافذ.
لم أعد أحتمل الشعور بالعمر وهو يتسرّب من بين يديّ دون أن أفعل شيء، دون أن أقول كفى، آن للقلب أن يهدأ، آن للحياة أن تبدأ، آن للذكرى أن تزول.
أنا أهجر الأراضي التي لا ترحب بي، وإن كلفتني عزة النفس أن أعيش بلا أرض، وأهجر الأشخاص الذين لا يعاشرون وإن كلفني ذلك أن أعيش بلا بشر، سنُهاجر بأرواحنا إلى السماء يومًا، فما كانت الأرض وطنًا لنا ولن تكون، وما كانت مستودعٌ لأحلامنا، وأبت أن تكون…
المزيد من الأخبار
في الحوش
إليك ياأبي
إما الأولوية أو العدم