14 ديسمبر، 2024

دفتر يوميات، قصة تعثر ونهوض

Img 20240815 Wa0050(1)

 

كتبت: هاجر حسن 

 

ما أجمل هذا اليوم! شعور بالفخر والسعادة يملؤني. فتحت دفتري حتى أكتب إنجازات هذا اليوم، كما أفعل عادةً. شعرت بفراشات من السعادة تنطلق من قلبي وتحلق برفق حولي، تغمرني بسرور لا يوصف. دونت تاريخ اليوم، ثم دفعني الفضول لتصفح صفحات الدفتر، فأخذت أعود إلى الخلف، إلى أشهر وسنوات ماضية. بدأت عيناي تتجول بسرعة بين الأسطر، وأعاد لي ذلك شريط ذكريات مريرة، حاولت جاهدة نسيانها. 

 

ارتجفت قليلًا، لكنني سريعًا ما استعدت تماسكي وقوتي. أتذكر تلك الليالي جيدًا، تلك الأيام التي ظننت أن قلبي سيتوقف عن النبض فيها، أتذكر سقوطي وتعثري، ومحاولاتي المستميتة للنهوضِ. أتذكر جراحي جيدًا، ومن جرحوا، غدروا، وخانوا، ومن تمنوا سقوطي، ودفعوني بقلوبهم القاسية والباردة نحو الهاوية. أتذكر من لم يصدقوا طموحي، ومن حاولوا بكلماتهم الثقيلة قص أجنحتي.

 

نهضت ونظرت في المرآة، ثم قلت محدثة نفسي: “ها أنتِ الآن واقفة على أرض صلبة، واثقة الخطى، توكلكِ على الله وحده، ولا تثقين بأحد من الخلق سوى نفسكِ. ها أنتِ تحققين نصرًا بعد نصر، حُلمًا بعد حلم، وكأن نجوم السماء بين يديكِ. 

 

 

ها أنا الآن أحلق في سمائي عاليًا، حُرة، طليقة. أجنحتي مصنوعة من كرامتي التي كنت وسأظل أعتز بها دومًا، فهي ليست قابلة المساس. 

أنظر إلى ملامحي، بريئة كما خلقني الله، لم يغيرني قسوتهم وجراحهم، سأظل أفعل الخير وأنشره، دون انتظار ثناء. 

 

تعلمت أن كل عُسرة يتبعها يسرًا، وكل سقوط بعده نهوض أقوى ، تعلمت أن الجراح تصقل الروح وتمنح العقل نضجًا وحكمة ووعيًا. تعلمت أن لا أتكئ إلا على الدعاء، وما رزقني الله من عقل مدرك. 

تعلمت أن لا أسجن موهبتي، قدراتي، كما أراد البعض، بل أطلقها لتنمو وتزدهر، أحلق بها في أفنان السماء. تعلمت أن قوة المرء في علمه بدينه، وقربه من ربه، وأن قوتي تكمن في تغذية عقلي بالعلم النافع الذي يبذر لي شجرًا يحميني وأستظل به. 

 

تركت المرآة وأمسكت دفتري، طويت الصفحات، وأغلقت دفتر اليوميات. رتبت على كتفي برفق وحنان، كما أعتدت أن أفعل دومًا، ثم همست لنفسي: “أنا حقًا فخورة بكِ، لقد تخطيتِ صعوبات ودنيا مظلمة. لكن اليوم أنا أكثر نضوجًا وثباتًا، متمسكة بإيماني وقوتي. متفائلة وقوية لمواجهة أي صعاب.”

عن المؤلف