الخروج

Img 20240529 Wa0187

كتب: أحمد مدحت 

 

نولد بعقول خاوية و أرواح صافية، لا يكون لنا سوى طريق وحيد و هو أن ننموا، ننموا في هدوء ولا نكون جوعا سوى للطعام و الأمان و أحضان أمهاتنا الحانية.

ثم نمر بالخروج الأول من أحضانهم، خروج يسمونه سن المراهقة ينمو فيه معانا التهور و الأندفاع، نقع في المشاكل و نحدث فيه العديد من الكوراث، كل شئ بالنسبة لنا جديد يكون بمثابة النداهة التي تجذبنا بصوتها الناعم و جمالها الأخاذ، و عندما نقع فريسة الفخ نعود راكضين لأحضان أمهاتنا منا من تلقى صفعة و منا من فاذ بضمة و لكن في النهاية نعلم أنهم سيحموننا و يدافعوا عنا أي كان حجم المصيبة التي أفتعلناها.

ثم نمر بالخروج الثاني، والذي يطلقون عليه سن الشباب، و ما أدراك ما سن الشباب في عصرنا الحالي، قالوا أنه سن الحيوية و النشاط و الحرية، و لكن أي حرية؟ فكل منا كبل بالسمؤليات و بدل من أن ينموا معانا النشاط و الأندفاع، نمت معانا العقبات و الهموم و معهم اللوم و الأتهامات، فالكبار ألقوا بلوم سوء الأحوال علينا و أتهمونا بأننا كسل، أعجز من تحمل المسؤليات، خدعونا أن أيامنا أيسر و أننا لم نرى أي عسر قط، لكنهم لم يخبرونا بأننا سنتخلى عن أحلامنا و نخفض سقف طموحاتنا و أنه سيتم عصرنا عصر محاولة في الحصول على إحتياجتنا الأساسية، في المشاكل أصبحنا لا نركض لنحتمي بأحضان أمهاتنا لأننا أصبحنا رجال وجب علينا نحن إحتضانهم.

من يدرس منا يعمل لتخفيف حفنة من الأحمال عن أهله و من لا يدرس يعمل بدل الوظيفة اثنين و ثلاثة، رأينا منا من يقتل، يستشهد و يهجر من أرضه و تباد عائلته، من طلب منا العفاف بات شهواني، و من شكى و طلب الراحة سب و لعن بالضعف و العجز، في عصرنا ظهر إناس بدئت حياتهم من الدرجة مئة يحثوننا على البدء من الدرجة صفر و تحته، نركض دائما خشية من أن نفقد شئ ما، شئ لا نعلم ما هو لكننل نخشى فقده، الأدمية لنا ما هي إلا أمنية بعيدة المنال، في شبابنا سمعنا فقط عن الشباب و لكن لم نعيشه.

عن المؤلف