14 ديسمبر، 2024

جنازة جزئية

Img 20240530 Wa0093

كتبت: مي العطار

نبكي بكلِّ يومٍ جنازةَ ميَّتٍ، نودِّعُ راحلينَ ونبكيْ فراقهم، يُبكينا موتُهم، نشتاقُ إليهِم بكُلِّ تفاصيلِهم،نبكي حبّنا لهم، وحُبّهم لنا، نخافُ عليهمْ ألَّا يدخلوا جنةً، أن تمسَّهُم ناراً،فنبكي وندعوا لهم،  مَن كان منهم مقصِّراً بأداء صلاتِه، قاطعاً للرَّحم، مُتَنَمِّراً، كاذبا، ذكرناهُ بقولِنا: رحِمهُ الله لم يكن…، أو كان…، ألَسنا نحنُ نموتُ أيضاً؟! أليسَتْ كلُّ دمعةٍ تنهمِرُ تُنقِصُ شيئاً مِنَّا؟! أليسَ كلُّ عضوٍ أصابته علةٌ هو موتُ جزءٍ فينا؟! أليسَت كُلُّ فَرحةٍ تُدفَن في مهدها موتٌ؟!  كلُّ الأفكارِ التي روادتنا، والمنجزات العظيمة، والأحلامُ الخالِدة، أليسَ نِسيانُها موتٌ باهِظُ الثَّمَن؟! أوَليسَت براءتُنا الأولى تِلك التي اغتالتها أيادي الشياطين بالتَّآمرِ مع أنفُسِنا موتاً فظيعاً، أهوى بنا إلى أسفلِ السَّافلين؟!…. كم من غالٍ فَقدناهُ….ومِن حولنا كلٌّ آيلٍ إلى زوال، ويبقى الجَسَدُ للحظةِ الأخيرة، بعد أن يَفْقِد كلَّ أفراحَهُ يظلُّ للنِّهايةِ؛ حتى يشهدَ فراقَ روحه، حيثُ يعود إلى أصله الأوّل، مُتِظراً موعدَ الوقوفِ معها أمامَ خالقِها، بينَ الثَّوابِ والعِقاب،إنَّ لنا في الموتِ عِبرة، ونحنُ نموتُ كلَّ يوم، ونحنُ في تناقصٍ، ويا ليتنا نشعرُ بذلِكَ؛ لأنَّه لربَّما يكونُ حينئذٍ مُمكِناً أن نستَعِدُّ لذلك، أو نسعى ليكونَ الختامُ في سبيلِ غايةٍ تَستحق، لعلَّها تكونُ استِثماراً من أجلِ حياةٍ أُخرى لا تنتهي، حيثُ لا كدَرٌ ولا ترَحٌ ولا موتٌ…. (راحةٌ سَرمديَّةٌ)

همسة: في كل يومٍ لنا جنازةٌ مقسَّطة، ولكن ماذا أعددنا للجنازة النِّهائية؟!

عن المؤلف