مغامرة ألفا في مملكة النمل

Img 20240522 Wa0065

كتبت: هاجر حسن

في مملكة النمل الخضراء ، حيث تتساقط أوراق الخريف برقة، تحتضن الأشجار جذورها استعدادًا لقدوم الشتاء، وكأنها تدخل في سبات عميق حتى انتهاء البرد القارس.

كانت الحياة تدب بنشاط وحيوية. النمل يعمل بجد واجتهاد، يحمل الحبوب ويصنع الطعام، والصغار يلعبون بين الأعشاب الخضراء في جو يملؤه همس الطبيعة.

وقف الملك أركتورس “ملك مملكة النمل الخضراء” ذو الهيبة والوقار على عرشه المصنوع من أجود الأخشاب مخاطبًا شعبه بصوت يملؤه الحزم: “أيها النمل العظيم، فصل الشتاء يقترب، وعلينا جمع المؤنة بجد واجتهاد. سأمنح مكافأة كبيرة وترقية لمن يجد مخزن يفيض بالطعام. لكن ليحذر الجميع من المبيدات وكل ما يجعل حياتكم تتعرض للخطر.”

 

بهمة ونشاط استعدت النملة ألفا، ذات العزيمة الفولاذية والقلب العطوف، للخروج في رحلة البحث عن الطعام. جهزت حقيبتها بعناية، وودعت أخاها الصغير راموس بابتسامه يملؤها الأمل، وغادرت المملكة بخطوات ثابتة وعينين تلمعان بالإصرار، باحثة عن مخزن مؤنة أو طعام يسد حاجة شعبها.

 

وفيما كانت ألفا تبحث بالطرقات عن مصدر للطعام، تسلل النملان الكسولين إزاز وتيس خلفها، يملي قلوبها الحقد والطمع.

كانت ألفا تسير بلا هوادة، تتبع رائحة الطعام وتبحث عن مخزن عامر المأكولات، حتى قادتها حاسة الشم إلى رائحة طعام شهية، وسرعان ما دخلت ألفا من تحت عقبة الباب للتتفاجأ بمخزن عامر بأشهى المأكولات، فتلمع أعينها بالفرحة.

 

رسمت ألفا خريطة الطريق على ورقة بعناية، ثم جمعت العديد من الطعام في حقيبتها، لكنها وجدت نفسها أمام خطر رائحة المبيد التي تقترب منها. بحذر ودهاء استطاعت ألفا كتم أنفاسها والهروب من تحت عقبة الباب.

لكنها فوجئت بكل من إزاز و تيس يعترضان طريقها لسرقة حقيبتها، لم تنجح ألفا في مقاومتهم وهي وحيدة، وبالفعل أخذوا منها الحقيبة الممتلئة بالطعام واستطاعوا الفرار بها. تاركو ألفا من خلفهم، مصدومة تبكي.

 

عادت ألفا إلي مملكة النمل مكسورة القلب، ثم ذهبت إلى أخاها الصغير وأخبرته عما حدث لها. حزن أخاها راموس كثيرًا وقال لها: “هيا بنا نذهب إلى جنود الملك ونخبرهم بما حدث”، لكن ألفا قاطعته قائلة: “ليس معي أي شهود على صحة قولي، وبالتأكيد سوف ينكرون ما فعلوا، لن يصدقني أحدًا يا راموس دون شهود، لذلك لقد فوضت أمري إلي الله إن الله بصيرٌ بالعباد، فهو القادر سبحانه أن يظهر الحق ويعوضني عما حدث.”

ثم نظرت ألفا إلى السماء، وهمست قائلة: “فدعا ربه إني مغلوب فانتصر.”

 

تمر الأيام والنملة ألفا تواصل عملها بإخلاص وتفان، تستيقظ فجرًا قبل الجميع، تجمع الطعام، تجوب الأرض، تكتشف أماكن ومخازن مليئة بالطعام. تأتي كل يوم محملة بالعديد من الطعام الشهي، وتشاركه مع الجميع دون تردد.

 

جاء اليوم العشرون من شهر أكتوبر، فأقام الملك أركتورس مؤتمر وأمر كل من عرف مكان مخزن طعام أن يأتي ويسلم الورقة إلى رئيس ضباط النمل.

بحث تيس وإزاز كثيرًا عن الورقة التي سرقوها من حقيبة ألفا لكن دون جدوى، وكأن الأرض ابتلعتها. ومن طمعهم وحقدهم حاولوا سرقة ورقة ألفا من جديد، لكن ضباط النمل قد رأوهم وأمروا بأسرهم.

 

أما عن ألفا فقد سلمت إلى رئيس الضباط ورقة بها ثلاثة أماكن من مخازن مليئة بالطعام.

كرم الملك العادل ألفا، وقام بترقيتها لتصبح قائدة فريق الكشافة وأعطاها مكافأة رمح فضي صغير.

صفق جميع أفراد مملكة النحل إلى ألفا وحيوها على جهودها، ثم نظرت ألفا إلى أخيها قائلة: “أرأيت يا أخي أثر تفويض أمر إلى الله وأثر قول ‘حسبي الله ونعم الوكيل’؟”

ابتسم راموس وقال: “أنا حقًا فخور بكِ يا ألفا، لقد علمتني أن الإيمان والصبر مفتاح الفرج، وأن الله لا يضيع حق المظلوم.” ثم تابع راموس : “ألفا؛ أنتِ قدوتي في هذه الحياة ومثال للشجاعة والإخلاص.”

 

هكذا استمرت ألفا في قيادة فريق الكشافة بحكمة وشجاعة، محافظة على روح التعاون، وتعلمت مملكة النمل أن العمل الجاد والإخلاص والإيمان الصادق يؤديان إلى النجاح….

عن المؤلف