كتبت: سمر إسماعيل
كان يحدثها شاكياً كعادته ، وهى تسمعه بإنصات وإهتمام كعادتها !! هو يعلمها جميلة ، لن تمل منه أبدااااااا ولا من الإستماع الى مشكلاته ، ضغوطه ، أى شئ … أى شئ يود الحديث فيه إليها .
هى لم تبد يوما أى إعتراض أو تأفف أو تبرم _ مهما كان فيها من متاعب وكروب وخراب داخلى قادر على نسف وتدمير الكون بأكمله _ على النقيض تماماً ، فقد كانت تُسر بحديثه هذا إليها ،… لأنها تعلم جيداً مدى إحتياجه لها ، مدى ضعفه وإنكساره ، مدى يُتمه حين يأوى إليها وكأنه يآوى الى جبل يعصمه من الطوفان والغرق !!
كان كلاهما يستمتع فى هذا الوضع !! هو يطمئن فى حكى شتات نفسه إليها ، حين يفرغ عليها كل إثقاله وآوزاره دون أى خجل أو حرج _ فهو يعلمها ويراها أمينه ، بقلبه قبل عينه _ فيصبح خفيفاً بحجم قشة أو أقل ، وهى ترى سعادتها من خلاله . تلتمس كل الفرحة والسرور فى كونها قادرة على إسعاده وجعله هكذا . وكأن كلاهما يجد فى الأخر ضالته !!
لكن اليوم كان مختلف حين أنهى حديثه وشعر بشئ من الإرتياح ، طبطبت على كتفه ، باسمة _ الله موجود . فأجابها بإبتسام مماثل ، فلم يكن يأتيها باحثاً عن حل !! ولكنه كان دوما ما يشعر بالإرتياح فى كلامه معها ، فرد قائلا _ ونعم بالله … فأطرقت لحظه وعاودت تسأله _ أتعرف حقاً أن الله موجود ؟!!! أين هو ؟!!!
فنظر إلى أسألتها بمزيج من إستنكار ، إستغراب ، ودهشة … مستفسراً عن معناها ؟!!! فهو لا يشك فى تفكيرها وواعظها الدينى !!! كانت سريعة الحدس والبديهة ، عالية الشعور والحس ، فألمت بكل ما جال بخاطره فبتسمت وعاودت حديثها موضحة إليه .
_ لم أقصد هذا ؟!!! أننى مؤمنة بوجود الله … أفضى إليه بما فى نفسىى طوال الوقت ، أشعر به يُطمئننى فى رسالات وإشارات ، إستشعر إطلاعه علىّ فى كل حين … ولكن أهذا يكفى ؟!!! أننى أشعر بوجوده على نحو ما … فى هذة الدنيا بصورة أوضح من ذلك !!! لا بد أن له مكان ما … نذهب ونهرول إليه حينما نحتاجه !!! لا شك أن لوجوده إدراك حسى !!! أن الشعور والإحساس _ وحدهما _ لا يكفيان أبدااااااا لإدراكه !!!
فى حادثة الغار حين أراد رسول الله صل الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم طمئنه صاحبه ( إبى بكر الصديق ) قال له _ لا تخاف ولا تحزن أن الله معنا …… كيف معنا ؟!!! أين هو ؟!!! أين الله ؟!!! أنى لم أنكر أبدااااااا وجوده … أعلمه موجود عن ثقة … ولكننى أريد أن أقترب أكثر ، أريد أن أحبه أكثر ، أريد أن إستشعر ، إلتمس وجوده ، حضوره ، ومعيته أكثر وأكثر ، أريد أن آنس به ……
أنهت حديثها على هذا ملقية به فى غيابات جُب من الشرود والوجوم والذهول والحيرة !!! كيف إستطاعت هى أن تفكر فى مثل تلك الأشياء ؟!!! كيف هداها خاطرها الى مثل هذة التساؤلات التى لم يتطرق ذهنه إليها يوماً ؟!!! كان يرى فى عينيها وحديثها صدق غريب ، برآة فريدة ، جدية نادرة وربما شئ من حزنٍ دفين !!! وكأنها الطفلة الضالة التى ترجوه أن يردها إلى أبيها وعدها بأن يبحث عنه ويأخذها إليه …
ذهب ولم يعد !! مازالت تنتظر !!! ربما …… ربما …… ربما مازال يبحث.
المزيد من الأخبار
سر سعادتي
تمني
تمنيتُ شخصاً ملتزماً