16 سبتمبر، 2024

شخصيات تونسية عريقة داخل مجلة ايفرست الأدبية

Img 20240502 Wa0041

حوار: بحر علاء

 

النجاح لا يأتي هباء إن لم تسعي إلي القمه لن تصلها.

 

 

تأخذكم أناملنا لرحلة مع كاتب جديد ومتميز من شعب تونس العريق، متحصل على الأستاذية في الفنون التشكيلية

 

الكاتب : عبدالباسط محمد قندوزي

تونسي الجنسية .

 

يعمل متفقدا للتعليم الاعدادي والثانوي في إختصاص التربية التشكيلية، شارك في بعض المعارض المحلية في الفن التشكيلي..

 

له عديد المقالات التي نشرها في الصحف الورقية والاكترونية. واصدارات تراوح بين الرواية والكتاب المختص وقصص الأطفال وغيرها من مجالات الأدب

فلنبدأ معا أسئلتنا.

 

– كيف أكتشفت موهبتك؟

منذ المرحلة الثانوية كنت أكتب بعض الخواطر وكانت لي محاولات في كتابة القصيدة النثرية. كتبت نصوصا قصيرة على إثرها شجعني بعض الأصدقاء على الكتابة بطريقة مسترسلة فبدأت بالقصة القصيرة والتي كانت منعرجا نحو الاهتمام بالرواية.

…..

– كيف كانت أول تجربة لك؟

أول تجربة لي كانت في تأليف كتاب مختص في الفن التشكيلي عنوانه “في الصورة مقال مستتر” وهو كتاب أكاديمي في صلب تخصّصي، وقد اعتبرتها مغامرة لأن الكتاب المختص يخضع إلى التدقيق في المراجع والبحث عن سلامة المعارف المضمنة في الدراسة لكنها كانت ممتعة خصوصا بعد تقييمها والإقرار بجودتها.

– من يدعمك لتسير في طريق النجاح؟ وهل التعثرات تؤثر عليك بالسلب ؟

 

وجدت دعما من عائلتي وأصدقائي المقربين وهو دعم معنوي دفعني كي أنتج ولا أكتفي بمجرد مقالات أصدرها بين الحين والحين، فكانت كلماتهم بمثابة المنعرج الحاسم الذي فتح أمامي الأبواب المغلقة فأطلقت العنان دون توقف لأنتج في مجالات مختلفة ترواح بين الكتابة الأكاديمية، والرواية، وقصص الأطفال، وفن الرسائل، والخاطرة، والقصة القصيرة، والقصيدة النثرية.

في علاقة بالتعثرات هي كثيرة أوّلها صعوبة النّشر في دور النشر في بلدي وذلك يعود إلى سببين الأوّل غياب التمويل الخاصة بدور النشر، والثاني عدم رغبتهم في المجازفة بنشر أعمال لأمثالي من الأسماء التي لا تزال تبحث عن نقطة الضوء نحو الظهور. وجدت الحل في التوجه إلى دور النشر العربية فكانت دار رنة للنشر والتوزيع وهي دار نشر مصرية كانت الحاضنة لأولى إصداراتي والمتمثلة في:

كتاب في الصورة مقال مستتر (فنون تشكيلية)

رواية صوت الكادحات

رواية تخاريف

وهي إصدارات شاركت في عديد المعارض الدولية (القاهرة، أبو ظبي، الشارقة، تونس، سوسة، الجزائر…)

فتحت لي هذه التجربة شهية الكتابة لأنتج وأشارك في مسابقات أدبية أخفقت في بعضها وتأهّلت في بعضها فمثلا تحصلت على جائزة النشر المجاني نظمتها دار موجة للنشر – مصر حيث حزت على المرتبة الثالثة برواية عنوانها “إساف ونائلة لم يمسخا صنمين”

كان الإخفاق في هذه المسابقات بمثابة القادح والدافع كي أتحدّى وأصنع من الفشل نجاحا وقد توّجت بعض أعمالي لتكون ضمن القائمات القصيرة المتأهلة للنشر في كتب جماعية. وغيرها التي تأهلت ضمن مسابقات تُمنح على إثرها تكريمات وشهادات فخرية تشجيعية ورغم بساطتها فهي لمسة ذات طابع اعتباري يرتقي بالذات ويزيد من دفعها نحو معانقة النجاح.

– هل توقفت عند تكريم ما لك ؟

لم أتوقف عند كلّ تكريم لأواصل في الكتابة وأبحث عن تجربة مختلفة وقد ساعدني في ذلك الاستغلال الايجابي لمواقع التواصل الاجتماعي والتي مكّنتني من التعرّف على دار لاماسو للنشر والتوزيع وهي دار نشر عربية بالسويد والتي قيّمت رواية بعنوان سيزيف والوجه الآخر للحكاية وكتاب فنانو الطبقات الكادحة ليقع طباعتهما مجانا على تكلفة الدار وشاءت الصدف أن تكون أول مشاركة لهما في معرض بالسويد بتاريخ 18ماي ومن ثم معارض في عديد الدول الأوروبية وهي فرصة أتاحتها هذه الدار أمام إصداراتي كي تلتقي بجمهور عربي في المهجر، وجمهور من جنسيات مختلفة من بينهم الأوروبية.

 

– كيف يكون شعورك وأنت تنتج أعمالك؟

انتاج عمل ابداعي وأكاديمي هو احساس مثير، يجعلك تعيش تجربة فريدة من نوعها، فالكتابة في لحظة ما ترتقي بك إلى درجات المتعة والإنتشاء الفكري والحسّي، وتفتح لك مجالات التعبير الحرّ عن الكيانات المستترة داخلك لتعبّر عن ذاتك وعن الآخر، وتتخيّل عالمك وتخلق شخصيات افتراضية تتعايش معها وقد تسحبك لتنسج لها عوالم مفارقة تعبر من منطقة معلومة لتلتحم بمناطق التّيه التي يرغب الكاتب أن يعيش داخلها.

 

– بوجه نظرك ماذا يحتاج المجال لكي يتطور بشكل ملحوظ؟

 

مجال الكتابة والابداع الأدبي يتطلّب توفّر جملة من المقوّمات التي تساعد على تطوّره بدايتها منصة اعلامية تدعم العمل لينتشر، وجمهور قارىء يعي مقولات الكاتب ويحللها ويناقشها ويقيّمها ونقّاد لهم من الحرفية ما يخوّل لهم تقييم المنتج والدفع به نحو النجاح، وملتقيات تؤمن بالأقلام الصاعدة التي من شأنها أن تثري المكتبة العربية وتزيد في انتشار اصداراتها.

– هل تمتلك مواهب أخري ؟

خلافا للكتابة كانت لي محاولات في الرسم باعتباري مختصّ في الفنون التشكيلية، أنتجت بعض اللوحات بأحجام صغيرة شاركت بها في معارض محلية، واستثمرت بعضها لتكون صورة الغلاف لبعض إصداراتي، لكن التوجه للكتابة قد طغى على الرّسم وحاز المساحة الأكبر من اهتماماتي.

– كيف كانت أول تجربة لك؟ وما كان شعورك حينها وكيف كان حديث الغير عنك؟

 

التجربة الأولى تظلّ عالقة في الأذهان فهي انطلاقة جديدة، فالنظرة لذاتي بدأت تتغير وتختلف. فأنا أكتب وأنتج وبالتالي أنا لست مجرّد رقم بل بالإمكان أن أقتلع مكانة في ميدان الكتابة، وهو احساس بدأ يتعاظم بعد كل انجاز أحققه.

أما نظرة الآخر خصوصا من محيطي فكانت مختلفة، حطّمت في أذهانهم الصورة النمطية للشخص الذي يعمل ليستمر في الحياة لأرسم في أذهانهم شخصية تعمل لتتفرد وتصنع لنفسها مكانة اعتبارية داخل المجتمع. كان الاحساس يراوح بين السعادة والخوف من المسؤولية إذ المهمة أصبحت أكثر ثقلا لأنّي أمتلك آليات التعبير عن قضايا الإنسان وفكره ولي الأهلية كي أطرحها للقارىء المتعدد.

 

– من أين يكون مصدر إلهامك؟ وكيف تجدد شغفك إذا فقدته؟

مصادر الإلهام عادة تبدو خفيّة غير معلنة، فقد تكون الأفكار المكتسبة قديما والتي نُحتت في الذّهن زمن الطفولة، وفترة المراهقة، وزمن الشباب، وقد تكون تلك السرديات والحكايات المنقولة أو المرئية، أو ما ترسّب من مطالعات ظلت عالقة في مخيّلتي فتجدني أحيانا أمشي على خطى أسلوب كاتب أثّرت نصوصه في تكويني، كما تجدني أحاكي واقعا أعيشه بجوارحي فتنبعث العبارات دون استأذان لتخطّ نصوصا على علاّتها.

هي لحظات ملهمة تدفعني لأمسك بقلمي وأكتب ما أشعر به لحظتها بغثّها وسمينها دون أن أعقل وثاق نفسي لأتركها تعيش حالة الهذيان المثمر ومن ثمّ أصحّح مسار كلماتي وأنتج بها بدايات المغامرة وجوهرها ونهايتها.

– النصائح كثيرة والعادات أكثر بما تنصح الغير في تلك المجالات أو غيرها بأن يعتادوا علية؟

 

نصيحتي لكلّ قلم مبدع أن يتحصّن بقوة الإرادة، وأن ينظر إلى ذاته بنظرة اجابية، فلا تهزّه التقييمات وإن بدت صادمة، وأن يواصل نحت كيانه وطرح أفكاره ومواقفه، ورسم ما تحمله مخيّلته ليخرجها للقارىء على هيئتها. وأن يكتب لذاته قبل أن يكتب لغيره ففي الكتابة للذات متعة وكذلك هروب من التصنّع الصناعة الأدبية التي تُحاك على مقاس جمهور بعينه. فقد يفشل الفرد منّا لكن لا يقف عند مكان الوقوع ففي توقفه موت بطيء. وفي مواصلته الطّريق نجاة وإن كانت مؤجّلة.

 

– الإنتقادات تحفز البعض وتحبط البعض الآخر لأيهما تنتمي؟

 

الانتقادات بمثابة الأسلحة المدمّرة للذات المبدعة فهي لا تخضع لآليات النّقد البنّاء، وأشدها قتلا ذاك السؤال الذي يتكرّر عن جدوى الكتابة، ألخصه بمقولة “وماذا بعد؟” وهي مقولات مؤثرة بشكل سلبي على النّفس غير أنّي أجد لها سلاحا أشدّ فتكا فأجعل منها مقوّمات ودعامات تساعد على النجاح، فقد تكون الانتقادات دافعا به أتحدّى وأتجاوز، وقد تكون فرصة لأكتسب مناعة تجاه تلك الأحكام الهدّامة والذوات الجاذبة للوراء. فالاحباط بالنسبة لي لا مكان له عندي فأنا أحبّذ مواصلة التجربة ومعاودتها على أن أقف عندها دون تقدّم. فسبيل النجاح يكمن في دحر أسباب الإخفاق والتي من بينها تجنّب الموجات السلبية.

– هل لنا ببعض من أعمالك؟

 

أعمالي تراوحت بين الرواية والكتاب المختص كما ذكرت سابقا ففي الرواية أحسّ بأنّي أتبنّى نمطين مختلفين الأول يميل إلى الكتابة الرمزية والتي تحاكي صورا تحمل دلالات غير معلنة، وتُخفي المعنى ليلبس أثواب الرمز كما هو الحال في رواية تخاريف ورواية سيزيف والوجه الآخر للحكاية، والثاني يميل إلى الحكاية التي تنقل صورة الذوات التي تُفصح عن أفكارها دون أن تخفيها فأنقل على إثرها صورة رديفة للواقع عن المعيشي اليومي وعن فكر كيانات تشبهنا وهو ما عبرت عنه في رواية صوت الكادحات ورواية إساف ونائلة لم يمسخا صنمين.

أما الكتابين فقد نقلت على إثرهما قراءة تحليلية تأويلية وتعبيرية لتجارب فنية مختلفة وقدّمت خلالهما صورة الإنسان وأفكاره ومواقفه، وقضاياه وقضايا المجتمع في تلك الحقبات، لأخرج العمل الفني من منزلة التقنية والأسلوب وأضعه في منزلة بديلة تلامس المعنى الذي قد يتوافق ومنطق الرسام كما قد يتعارض معه.

 

– ما هي سلبيات تلك المرحلة وماهي إجابياتها؟

 

 

اجابيات التجربة أنها وضعتني أمام تحدّ، وفتحت أمامي مجال الابداع غير المشروط، قد أخفق وقد أصيب، وقد أتعثّر ولا يجد منتوجي رواجا، لكن يكفي أن أكتب أولا لذاتي وأرضي شغفي وأعيش على أمل أن تنتشر أعمالي مستقبلا. أما السلبيات في هذه التجربة هي أنّ العصر الراهن يحكمه التطوّر التكنولوجي الذي أثّر على الكتاب الورقي ووقف حائلا أمام انتشاره وهو ما يدفعني إلى خوض تجربة النشر الإلكتروني مستقبلا .

 

– أخيراً أخبرنا برأيك بالحوار، والمجلة..

 

الحوار معكم كان ممتعا ومثمرا، وقد كانت بمثابة الفرصة التي قدمتها مجلتكم لكاتب يبحث عن أنصاف فرص كي يعرّف بذاته، وهي تعكس تميّزكم لأن العادة تقتضي منكم البحث عن الشخصيات المشهورة، غير أنكم تميّزتم عند توفيركم لمساحة حرّة تتيح لكاتب صاعد كي يشيد بأعماله في مجلتكم الرائدة.

 

 

كلمة الختام:

لكم مني كل التقدير لإتاحة هذه الفرصة الثمينة كي أحاوركم وأطرح أعمالي وأعبّر عن أفكاري وأنقل تطلعاتي وطموحي، وهي منصة اعلامية تعدّ دعامة كبيرة لأقلام تريد أن تقتلع مكانا داخل أوساط أدبية مغلقة. فشكرا مجددا على دعمكم.

 

أنتهت جولتنا ولكن لم تنتهي أخبارنا، وأعمالنا بعد.

عن المؤلف